ترك النجم أحمد زكي بصمة رائدة في السينما المصرية، التي قدم فيها أدوارا صعبة أبدع في أدائها وكان علامة فارقة بتجسيده للشخصيات التي لبسته فتقمص أدوارها بأداء تلقائي مؤثر قلّ مثيله.
في الذكرى الـ77 لميلاده، عاد صاحب البشرة السمراء ليتصدر أخبار المواقع المصرية والتواصل الاجتماعي، في قصص وتدوينات مختلفة.
وفيما استعادت الصفحات العديد من محطاته اللامعة، سلط بعضها الضوء على الحادث الشهير الذي تعرّض له عام 1990 ونجا منه بأعجوبة.
وكان الجمهور قد عبّر عن محبته لزكي آنذاك من خلال الرسائل والوسائل المتاحة قبل بروز منابر السوشال، حيث تمنوا له الشفاء العاجل وتابعوا تطورات حالته الصحية إلى حين شفائه وعودته إلى الشاشة.
لم يكن زكي فنانًا مثيرًا بأدائه المذهل فقط، بل بمأساوية حياته التي كانت أشبه بالتراجيدي. فقد عانى الراحل مطولاً عقب حادثة السيارة التي كانت ترافقه فيها النجمة نجلاء فتحي. حيث تم حجزه في غرفة العناية الفائقة، وخضع لعدة جراحات في قدمه.
وعقب هذا الحادث الأليم، قرر زكي أداء العمرة كعربون شكر لله، على نجاته، حيث اعتبر نفسه قد وُلد من جديد. لكنه رغم معاناته، لم يضيّع وقته سدى في غرف المستشفيات، بل استغل فترة علاجه في المستشفى لإعادة ترتيب مشاريعه الفنية. وتلقى عدة عروض سينمائية انتظرت رحلة علاجه، وبدأ بالعمل عليها فور خروجه من المستشفى.
أبرز هذه الأعمال، كان تصوير المشاهد المتبقية له من فيلم الإمبراطور، بالإضافة لمسلسلي "اعترافات زوج" والجزء الثاني من مسلسل "هو وهي" اللذين كانا قيد الدراسة آنذاك.
مشهد الثلاجة
وفي لقاء مع الإعلامي محمود سعد، كشف الراحل كواليس تصويره لمشهد ثلاجة الموتى في فيلم "موعد على العشاء" 1981، الذي أدّى بطولته أمام الفنانة سعاد حسني وحسين فهمي.
وقال إن المسلسل كان من إخراج محمد خان الذي أخبره أن المشهد سيكون في المشرحة، فطلب منه أحمد زكي أن يدخل بنفسه في ثلاجة الموتى لكي تقدم سعاد انفعالات المشهد أمامه بأفضل ما يمكن، حيث كانت تقدم شخصية زوجة مكلومة قُتِل زوجها غدرًا، وتنتقم له في نهاية الفيلم.
وشرح زكي أنه اضطر إلى أن يكتم تنفسه بسبب الرائحة الكريهة لمادة الفورمالين المستخدمة لحفظ الجثامين، ولأنه أيضا "جثة" لا تتحرك، لكنّ سعاد أخذت وقتا في الانفعال ما صعّب الأمر عليه.
وأضاف: "بعد خروجها نسيوني في الثلاجة لانشغالهم بإفاقتها. فقد فقدت سعاد الوعي بسبب انفعالها الشديد في أداء المشهد! فشعرت بأن أعصابي كلها تنسحب، وكنت أضغط على قدمي لتنبيه أعصابي حتى أخرجوني من الثلاجة"!
عانى الراحل جرّاء مرض سرطان الرئة، وتوفي في 27 آذار (مارس) 2005 قبل أن ينتهي من استكمال باقي تصوير فيلم "حليم" الذي كان آخر أفلامه، وعُرِض عام 2006 بعد وفاته.
الظهور الأول
ظهر أحمد زكي لأول مرة على خشبة المسرح في مسرحية "حمادة ومها" عام 1967 أثناء دراسته في المعهد، حيث كان يقلد الفنان محمود المليجي.
وكان أول ظهور له على شاشة السينما في فيلم "ولدي" عام 1972 أمام الفنان فريد شوقي، وحقق أول بطولة مطلقة له في فيلم "شفيقة ومتولي" عام 1978 أمام سعاد حسني، ليقدم بعدها العديد من الأفلام المميزة.
وفي عام 1996، تم تصنيفه كثالث أكثر الممثلين ظهورًا في قائمة أفضل 100 فيلم مصري، حيث شارك في ستة أفلام في تلك القائمة وهي: "البريء"، "زوجة رجل مهم"، "الحب فوق هضبة الهرم"، "إسكندرية ليه"، "أحلام هند وكاميليا"، و"أبناء الصمت".
عمل أحمد زكي مع أبرز مخرجي السينما المصرية، خاصة من مخرجي الواقعية الجديدة، مثل عاطف الطيب في أفلام "البريء" و"الهروب"، ومحمد خان في "موعد على العشاء" و"العوامة 70" و"أيام السادات"، وداوود عبد السيد في "أرض الخوف".
كما اختاره يوسف شاهين للعمل في فيلم "إسكندرية... ليه؟"، وتعاون مع شريف عرفة في أفلام "اضحك الصورة تطلع حلوة" و"أيام السادات"، بالإضافة إلى تعاونه مع إيناس الدغيدي في أفلام "امرأة واحدة لا تكفي" و"إستاكوزا".
جوائز
حصل أحمد زكي على العديد من الجوائز تقديرًا لموهبته الفنية، منها:
جائزة عن فيلم "طائر على الطريق" في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
جائزة عن فيلم "عيون لا تنام" من جمعية الفيلم.
جائزة عن فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" في مهرجان الإسكندرية عام 1989.
جائزة عن فيلم "كابوريا" في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1990.
وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996، اختار السينمائيون ستة أفلام من بطولة أحمد زكي ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهي: "زوجة رجل مهم"، "البريء"، "أحلام هند وكاميليا"، "الحب فوق هضبة الهرم"، "إسكندرية ليه"، و"أبناء الصمت".