TRENDING
كلاسيكيات

مريم فخر الدين في ذكرى وفاتها.. محطات مثيرة من حياة كانت حافلة بالقسوة والحرمان

مريم فخر الدين في ذكرى وفاتها.. محطات مثيرة من حياة كانت حافلة بالقسوة والحرمان

مريم فخر الدين

تسع سنوات مرّت على رحيل جميلة الشاشة العربية مريم فخر الدين، التي غادرتنا في مثل هذا اليوم 3 تشرين الثاني\نوفمبر من عام 2014. تاركة خلفها ثروة فنية من 200 فيلم وأكثر من 50 مسلسلاً.

فنانة لم تعرف السينما جمالاً كمثل جمالها، بطلة كانت مشتهى الرجال وصورة تحتذي بها النساء. أحاطتها الأضواء والشهرة لكن داخل بيتها كانت فتاة مهمّشة وتعيش القسوة والحرمان.

حفظت القرآن في عمر الخمسين

والدها مهندس ري صعيدي، ووالدتها مجرية مسيحية. عاشت في بيئة منغلقة تقليدية. لم تكن مسلمة بالكامل ولا مسيحية بشكل متزمت، عاشت منفتحة على الأديان كلها.

في عمر الخمسين طلبت من الفنانة شادية أن تعلمها أصول الصلاة وتحفظها بعض الآيات القرآنية السهلة. والشيخ محمد الشعراوي أفتى لها بالاستحمام بدل الضوء الذي لم تكن تفهمه.

نشأت فتاة ضيقة الأفق كان يمنع عليها الخروج حتى إلى الشرفة، لكنها تعلّمت في أفضل المدراس في حينها "المدرسة الألمانية" وكانت من أكثر المدراس صرامة . أجادت 7 لغات لا سيما الألمانية التي كانت تنطقها بطلاقة.

لم تكن ضليعة في اللغة العربية بحيث كانت تقرأ وتكتب بصعوبة. وهي من أفشت بهذه المعلومات في لقاءاتها. فكانت تسجل السيناريو ثم تعيد سماعه مرات حتى تحفظ أدوارها التي مثلتها.

حياتها كانت صعبة وقاسية ولا تشبه الصورة التي كنا نراها في الأفلام. عاشت ذاك البعد القوي بين حياة بيتية قاسية وأخرى وردية في أفيشات الأعمال التي قدمتها، والشهرة التي حظيت بها. الممنوعات كانت كثيرة في البيت كعدم التكلم على الهاتف أو الخروج من البيت او السباحة ولبس المايوه.

صورة جعلت منها نجمة

الصدفة جعلت منها نجمة خفقت لها القلوب وباتت كالحلم في الأذهان. تقول مريم فخرالدين في إحدى لقاءاتها بأنها طلبت من والدتها أن تتصور وهي ما زالت شابة مراهقة، ووافقت الأم بشرط أن لا يعرف الأب فكان كل شيء عنده محسوباً. اقترح المصور أنه يمكن أن يقدم الصور مجاناً في حال سمح له بنشر الصور في احدى المجالات للمشاركة في مسابقة جمال.

فوافقت الأم بهدف توفير 5 جنيه. ولم يخطر في بالها أن هذه الصور ستقلب حياة الفتاة الجميلة رأساً على عقب. بحيث فازت مريم فخر الدين عن طريق مجلة (ايماج) الفرنسية بجائزة أجمل وجه ومعها 250 جنيه هدية، وهذا الاعتراف الجمالي هو الذي أهلها لأن تقوم بدور البطولة في أول أفلامها السينمائية.

توافدت الصحافة إلى منزل الملكة الجميلة ومن بعدها المنتجون، أنور وجدي، وحسين صدقي، لكن والدها طردهم جميعاً حتى جاء أحمد بدرخان، فلم يطرده والدها، لمعرفة سابقة بينهما.

الأب يصادر أجرها ويضع الشروط

من هنا قرأ والدها كل السيناريوهات، فأعجبه سيناريو "ليلة غرام"، وقال لها: "هاتكوني مثل أعلى لبنات جيلك"، وظهرت في أول مشاهده عام 1951 وهي تصلي إرضاءً لوالدها الذي كان يضع بنوداً في العقد تمنع التقبيل والأحضان وكل الممنوعات.

كان والدها يتحكم بمجمل حياتها فهو الذي يمضي عقود عملها ويأخذ أجرها ويعطيها مصروفا قليلاً جداً لا يكفي أكثر من شراء ضرورياتها. وأمها كانت تجبرها على القيام بكل أنواع العمل المنزلي حتى عندما كانت نجمة مشهورة كانت تمسح وتكنس وتكوي. هذا الشظف رافق مجمل حياة النجمة التي ملكت القلوب وهي قد أفشت بكل هذه الأمور شخصياً في حواراتها الإعلامية سواء مع هالة سرحان أو طوني خليفة.

الرّجل ظلمها.. ضربها وخانها

زوجّها والدها من المخرج محمود ذو الفقار الذي كان يكبرها ب 23 سنة، ولم تكن معاملته لها أفضل من والدها، فكان يأخذ أجرها من أعمالها ويمضي العقود عنها. وكان عصبي المزاج يضربها أحيانا أثناء العمل.

إلى أن وجدت حيلة فاتفقت مع الإنتاج أن تأخذ جزءاً من أجرها دون علم ذو الفقار زوجها. واستطاعت أن تجمع 40 ألف جنيه اشترت بها شقة فوق شقة زوجها وقامت بإعطاء أثاث بيته إلى العاملين معها في السينما.

فجن جنونه وطلقها عام 1963 بعد أنّ استمر زواجهما 11 عشرة سنة. وكانت قد أنجبت منه إيمان ابنتها.

ثم عادت وتزوجت من طبيبها الخاص محمد الطّويل الذي كان يعالج أذنها التي لم تعد تسمع بها. إلا انه كان يخونها بشكل مستمر فطلبت منه الطّلاق بعد 4 سنوات زواج وانجبت منه ابنها محمد.

وفي عام 1968 سافرت إلى لبنان بهدف إيجاد عمل ولم يكن في يدها سوى 13 جنيه، فكانت تستدين من الدكان المجاور لمكان إقامتها في بناية يعقوبيان في منطقة عين المريسة، ولاقت الترحاب والاهتمام من قبل الشعب اللبناني الذي كان يجدها نجمة كبيرة والكل عاملها معاملة الكبار.

فهد بلان أكرم أزواجها وأفضلهم

وشاء الحظ أن تتعرف على فهد بلان الذي وقع في حبها من اللقاء الأول وسرعان ما طلب منها الزّواج. إلا أن زواجهما لم يدم طويلاً بسبب مشاكل ولديها معه، وطالما قالت فخر الدين أن بلان أفضل وأكرم رجل عرفته وعاملها بحب وتقدير. وبعد طلاقها من فهد بلان تزوجت من شريف الفضالي ليكون زوجها الرابع، وظلت معه فترة ثم تطلقا.

تقول مريم فخر الدين في مجمل لقاءاتها بأنها عاشت محرومة من الحب والحنان والاهتمام سواء في بيت أهلها أو مع أزواجها. ولم تكن علاقتها مع الرجل ناجحة بالرغم من زيجاتها الأربعة. دوماً كانت تظلم وتعامل بقسوة.

حسناء الشاشة بلا منازع

حسناء الشاشة وملاك القلوب نجمة خارج البيت أما في البيت فقد كانت بلا قيمة.

معظم أدوراها في فترة الخمسينات والستينيات كانت الفتاة الضعيفة المغلوب على أمرها، والعاطفية والجميلة والمضحية لكن استطاعت بعد ذلك أن تخرج من هذه الصورة نحو أدوراً جديدة ومختلفة.

الأميرة الأرستقراطية

من أشهر ادوارها العالقة بأذهان جمهورها دور الأميرة الارستقراطية "انجي" في فيلم "رد قلبي" الذي كان يؤرخ لثورة 23 يوليو 1952 في مصر، ودورها في فيلم "حكاية حب" أمام النجم عبد الحليم حافظ.

ستبقى مريم فخر الدين النجمة التي تخطت الجميع بجمالها وأناقتها والتزامها وجديتها. وموهبة لا تتكرر كتبت أسمها في دفتر الخلود.

توفيت مريم فخر الدين صباح الاثنين في مستشفى المعادي حيث كانت خضعت لعملية إزالة تجمع دموي من المخ. لكن حالتها الصحية تدهورت بعد إجراء الجراحة وظلت في غرفة العناية المركزة حتى وفاتها المنية.

يقرأون الآن