يصادف اليوم الـ27 من أبريل ذكرى ميلاد الفنانة سناء جميل التي ولدت عام 1930، وظلت حتى رحيلها في 2002 إحدى أيقونات الفن العربي التي جسدت من خلال رحلتها قوة الموهبة وشغف الإبداع أمام ضغط التحديات الاجتماعية.
وانتمت سناء لأسرة قبطية محافظة تتميز بالثراء والحس الأرستقراطي في صعيد مصر، وأثارت رغبتها في احتراف التمثيل ثورة عالية ضدها، لكنها صممت على قرارها رغم علمها بالتبعات القوية ومنها تبرؤ الأهل منها، حيث كانت النظرة المجتمعية إلى التمثيل متدنية للغاية، كما كان اتجاه الفتاة إلى هذا المجال بمثابة "وصمة عار" آنذاك.
وتعرف على موهبتها عملاق المسرح والسينما الفنان زكي طليمات حين شاركت في مسرحية "الحجاج بن يوسف" واختار لها اسم "سناء جميل" ليكون هويتها الفنية الجديدة، بدلا من اسمها الحقيقي وهو "ثريا يوسف عطا الله".
ولعبت الأقدار لعبتها حين اعتذرت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة عن دور "نفيسة" في الفيلم الشهير "بداية ونهاية" المأخوذ عن رواية بالاسم ذاته لعميد الأدب العربي، حائز نوبل نجيب محفوظ، حيث تخوفت السيدة فاتن من طبيعة الدور الذي يروي مأساة فتاة تتورط في أعمال منافية للآداب وتتحول إلى فتاة ليل ذات نهاية مأساوية.
رحبت سناء جميل بتقديم الشخصية، ولا سيما أن الفيلم من إخراج الاسم الأيقوني وعميد المدرسة الواقعية في السينما صلاح أبو سيف، ونجحت في تجسيد مأساة "نفيسة " بشكل عبقري هز الوجدان وبأداء يرقى إلى المستويات العالمية.
وقال نجيب محفوظ في تصريح تلفزيوني شهير: " كلمة حق وشهادة لوجه الله، سناء جميل أعادت خلق شخصية نفيسة كأحسن ما يكون، سواء في حياتها اليومية البسيطة أو في علاقتها بأمها أو علاقتها بالبقال".
وأضاف عميد الرواية العربية: " أداء سناء في هذا الدور تحديدًا كان خارقًا للعادة وعظيمًا ورُشحت بسببه لنيل جائزة فنية رفيعة في الاتحاد السوفيتي".
ومما يبرز عظمة موهبة سناء جميل قدرتها المذهلة على تقديم الشخصية وعكسها بالإبداع والتجلي أنفسهما، فقد برعت على سبيل المثال في تقديم الشخصية الأرستقراطية المتعالية والناقمة على الجميع كما في أفلام "سواق الهانم" و" الملاعين" و" الشيطان والخريف".
وعلى الجانب الآخر، تألقت في دور "فضة المعداوي" كسيدة سوقية شعبية فجة في مسلسل " الراية البيضا"، وكذلك السيدة البسيطة المنكسرة في فيلم " اضحك تطلع الصورة حلوة" مع أحمد زكي، حيث أطلقت عبارتها الشهيرة التي لا تزال تتداولها منصات التواصل حاليًّا: " إحنا غلابة أوي يا سيد".