TRENDING
ماجدة الرومي.. كثير علينا هذا الصّوت

"آه يا بيروت" وصوت ماجدة الرومي يرتجف على رغوة الدخان، وعيونها معلقة على المصابيح المطفأة، والغبار يندثر من فوق الطبول .

صوتها الوحيد الذي يعيدك الى المكان والزمان ، تغني أو تنشد أو تصلي أو تبتهل او تضج أنيناً وجرحاً وعتباً، وتطرق بكعب حذائها الدار الجامعة للأوطان، وتدير مقلتيها الحائرة المفتشة عن صوت أعلى من صوتها، عن ورقة قرار، عن منبر يشجب الموت ويرفع دعوى ضد الانفجار.

تدخل متأهّبة بثوب السلام تلف على جميع الأعلام. صمتها احتجاج وعيونها بيوت وأشجار، وحيرتها شجب للموت والظلام.

مقاعد الحق فارغة، وحدها ورقة اللحن والغناء حاضرة، الكل غياب وعصا المايسترو تطلق نشيد العتاب وترتفع الأوتار ويعم الحداد أنيناً.

وتحضر السيدة متسربلة بالسواد واقفة فوق حطام، حولها نصب الشهداء شهيداً مرة أخرى. تتطاير الأوراق بعد وقوع الجريمة. ثلاث سنوات والعدالة نائمة والحياة "ماشية". الدماء نشفت على طرقاتها، والبيوت مسحت خرابها والقمح فُرغ في البحر جريمة وليس حياة.

وحدها بعد ثلاث سنوات تعيدنا الى الشطآن الأليمة. تستذكر قاتلنا وقتلانا. هذا القاتل عمره عقود وما زال يبطش بنا. رحل نزار قباني وحسرته أن تعود بيروت إلينا وما عادت. قبل أربعين عاماً كتب قصيدته "عندما ترجع بيروت" وما زلنا كما كتب لنا، نفتش عن بيوتنا نصارع أنفسنا ونعيش في حديقة خرابنا بلا خضرة، نعيش كالمساكين نعد موتانا ونحلم بحياة بلا جلادينا.

ماجدة ما زالت تحمل صوتها "عندما ترجع بيروت" وقبلها بأكثر من ثلاثين عاماً غنت "يا ست الدنيا يا بيروت" " وشعبك واقف بالريح " ،"وكل شي عم يخلص".

وما خلصنا، وكأن الأغاني قدرنا الوحيد للعزاء، وماجدة ما زالت ترفع صوتها نحوالأمل، والمنارات المنهارة علها تضيء، والحيطان المفخخة علها تفرخ سلاماً وحياة.

ترفع يديها وتبوح بكل أسرارنا :"آه يا بيروت كم أتعبنا هذا السفر فاغمرينا

بمكاتيب الحب اغمرينا بتقاسيم الحب اغمرينا بمزاريب المطر"

ماجدة الرومي تسمعنا صوتها وكأننا نسمع صوت أنفسنا، ندخل في نشيجها فنبكي، ندخل في لحنها فنرتعش، ندخل في حركتها فنشعر أنها تضمنا.

كثير علينا هذا الحب وهذا الصوت، فما عدنا معتادين على كل هذه العذوبة وهذه البراءة وهذه المصابيح المضاءة فوق مذابحنا.

غن لنا اكثر يا ماجدة، فنحن شعب نشتهي الشبع ونشتهي الفرح ونشتهي الضوء، بعد أن جوعونا واشعلونا واطفأوا أنورانا.

اغنية ماجدة الرومي "عندما ترجع بيروت "

قصيدة: نزار قبّاني

لحن: يحيى الحسن

توزيع موسيقي أوركسترالي :ميشال فاضل

توزيع موسيقي شرقي: حسن يحيى المعوش

تسجيل و ميكساج و ماسترينغ :رالف سليمان

منتج منفذ: ماريان كترا

اخراج شربل يوسف

إشراف عام: عوض الرومي


يقرأون الآن