في مثل هذا اليوم، نُحيي ذكرى ميلاد الفنانة القديرة فردوس محمد، واحدة من أهم الأسماء في تاريخ السينما المصرية، والتي لم تكن مجرد ممثلة، بل رمزًا للأمومة الصادقة والحنان الحقيقي على الشاشة.
ولدت فردوس محمد 5 ايار / مايو، وشاءت الأقدار أن تبدأ حياتها في ظل قسوة اليُتم، بعد أن فقدت والديها وهي لم تزل طفلة صغيرة، لتتربى في كنف أسرة صديقة لوالدتها.
رغم قسوة الحياة المبكرة، إلا أن فردوس امتلكت روحًا قوية وقلبًا حنونًا مكنها من تحويل آلامها إلى طاقة دفء وحب، انعكست على كل شخصية قدمتها على الشاشة، بدأت مشوارها الفني من المسرح، وقدمت أول عمل مسرحي لها على اﻹطلاق في عام 1927 وهي مسرحية إحسان بك مع فرقة أولاد عكاشة المسرحية التي صارت واحدة من أعضائها، كما عملت مع فرق إسماعيل ياسين وعبد العزيز خليل ورمسيس وفاطمة رشدي، وبدأت العمل في السينما منذ أواسط حقبة الثلاثينات، وعلى مدار مشوارها الفني.
دخلت فردوس محمد السينما في الثلاثينيات، وشاركت في أكثر من 100 فيلم، وأتقنت دور الأم بشكل جعل الجمهور يصدق أنها أم حقيقية، حتى في الواقع من أبرز أعمالها: أم كلثوم في وداد، وأم فاتن حمامة في دعاء الكروان، وأم عبد الحليم حافظ في بنات اليوم، وأم سعاد حسني في حسن ونعيمة.
رغم أنها لم تُرزق بأبناء في حياتها الواقعية، إلا أن فنها أنجب أجيالًا من النجوم الذين كانوا يرون فيها الأم والمعلمة، ولقبت بـ أم السينما المصرية بجدارة، لأن أداءها للأم لم يكن مجرد تمثيل، بل كان امتدادًا لطفولة جُبلت على الفقد، ونفس اعتادت أن تمنح الحب رغم الحرمان.
توفيت فردوس محمد في 22 ايلول / سبتمبر 1961، لكن صوتها الدافئ وصورتها الحنونة ما زالت محفورة في ذاكرة كل من عرف زمن الفن الجميل، كانت حياتها رسالة، وفنها شهادة على أن الحنان لا يُولد فقط من الأمومة البيولوجية، بل من قدرة الإنسان على العطاء رغم الألم.