بين الحب والخذلان.. حكاية زواج ناهد شريف من رجل لبناني أصبحت فصلاً مأساويًا في سيرتها
في حياة الفنانة الراحلة ناهد شريف، أسماء كثيرة مرّت، لكن يبقى اسم إدوارد جرجيان أكثرها إثارة للجدل. هو الزوج الأخير في حياتها، والرجل الذي عاشت معه قصة حب توهّجت بالأمل ثم انطفأت في لحظة مرض. فهل كان "البلسم الشافي" كما وصفته يومًا؟ أم كان خيبة أملها الأخيرة؟
بداية القصة.. لقاء غير متوقع يتحوّل إلى قصة حب
تروي ناهد شريف في حوار قديم مع مجلة "الموعد"، أنها التقت إدوارد جرجيان ذات ليلة في كازينو "البلو آب" ببيروت، بعد مرورها بتجربة حب صعبة كادت تودي بها إلى الانتحار. وبعد جلسة واحدة شعرت بانجذاب نحوه، وسرعان ما بدأت تسافر إلى لبنان خصيصًا لرؤيته، بينما كان هو يزور القاهرة من أجلها.
في تلك المرحلة، وصفت ناهد إدوارد بأنه "الأمان" الذي كانت تبحث عنه في حياتها، و"البلسم الشافي" الذي ضمّد جراح قلبها. لم يعترض يومًا على عملها في الفن، بل شجّعها على الاستمرار فيه. وفي لحظة قررت أن تطوي كل صفحات الألم، وتبدأ من جديد معه.
السرطان يقلب كل المعادلات
لكن الحكاية لم تنتهِ عند الحب. فمع اكتشاف إصابة ناهد شريف بمرض السرطان، بدأت الروايات تتضارب حول موقف إدوارد جرجيان. مصادر عديدة تحدثت عن تغيّر جذري في تعامله معها، حتى قيل إنه طلب منها أن تتكفّل بعلاجها بنفسها، وأن تزيد من نشاطها الفني لتغطية التكاليف.
بل إن بعض الروايات زعمت أنه بدأ يجمع تبرعات باسمها بدعوى علاجها، ثم يستخدم الأموال لأغراضه الخاصة، ما دفع ناهد إلى طلب الطلاق والعودة إلى مصر.
ناهد في القاهرة.. حرب ضد المرض والعمل
عادت ناهد شريف إلى القاهرة، حاملة أوجاع الجسد والقلب. وفي تحدٍّ مذهل، قررت أن ترمي كل همومها في العمل، فتعاقدت في عام 1981 على سبعة أفلام دفعة واحدة.
كانت تنتقل من موقع تصوير إلى آخر، وكأنها تلاحق الحياة قبل أن تفرّ منها.
لكن في أحد الأيام، سقطت ناهد على الأرض، ونُقلت إلى المستشفى. كان الأمل الوحيد حينها في السفر للخارج، وبالفعل تدخّل الفنان كمال الشناوي ونجح في إصدار قرار بعلاجها على نفقة الدولة.
سافرت ناهد إلى السويد وخضعت لعملية جراحية ناجحة، وعادت إلى القاهرة بروح جديدة وآمال كبيرة. بدأت تخطط لأعمال مستقبلية، لكن المرض لم يرحمها. سقطت مجددًا، وسافرت مرة أخرى للعلاج، ثم طلبت العودة إلى مصر عندما تيقّنت أن النهاية تقترب.
وفي السابع من أبريل عام 1981، أسدل الستار على حياة ناهد شريف، بعد صراع مرير مع المرض، خاضته في صمتٍ وعزلة.
رواية باتريسيا… وجهٌ آخر للقصة
على الجانب الآخر، خرجت باتريسيا، الابنة الوحيدة لناهد شريف من إدوارد جرجيان، في حوار نادر مع موقع صحفي، لتنفي كل الروايات السلبية التي طالت والدها.
قالت باتريسيا:
"كل ما قيل عن والدي كذب… لقد ظل مخلصًا لأمي حتى مماته، ولم يتزوج بعدها أبدًا."
وأكدت أن والدها لم يرث من ناهد شيئًا، بل ترك كل ما تملك لعائلتها.
كما تطرقت إلى ذكريات الطفولة، وروت موقفًا مؤثرًا مع والدتها أثناء مرضها، قائلة:
"كنت صغيرة ولا أفهم ما معنى السرطان، لكنها كانت تضحك وتمازحني… كنا نشاهد فيلمها بيت العز، وفي مشهد موتها بكيت، فقالت لي وهي تربّت عليّ: 'يا حبيبتي ده تمثيل… أنا قدامك زي الفل.'"
نهاية مفتوحة… ما بين الحب، الألم، والتساؤلات
رغم كل التصريحات، تبقى قصة ناهد شريف وإدوارد جرجيان واحدة من أكثر القصص إرباكًا في الوسط الفني.
هل كان فعلاً رجلًا خذلها في أشد لحظاتها ضعفًا؟
أم أنه حُكم عليه ظلمًا في ظل سطوة المرض وقسوة الظروف؟
الإجابات تبقى معلّقة، كما تبقى ناهد شريف ذكرى لا تُنسى… وجرحًا فنيًا وإنسانيًا عالقًا في ذاكرة جيلٍ بأكمله.