وسط زحام أفلام الرعب التقليدية، يبرز الفيلم الإسباني The Grandmother (العنوان الأصلي: La Abuela) بتجربة سينمائية مقلقة ومختلفة، لا تعتمد على الدماء أو الصراخ، بل على رعب بطيء يتسلل تدريجيًا داخل الروح والعقل. إنه فيلم ننصح بمشاهدته، خاصة لعشاق الرعب النفسي الذي يلامس الهواجس البشرية الأكثر عمقًا: الشيخوخة، الوحدة، والموت.
قصة بسيطة تتحول إلى كابوس
سوزانا، عارضة أزياء شابة تعيش في باريس، تتلقى اتصالًا مفاجئًا من مدريد يخبرها بأن جدتها، التي كانت بمثابة الأم لها، قد أصيبت بسكتة دماغية. دون تردد، تعود إلى العاصمة الإسبانية لتعتني بها مؤقتًا، على أمل العودة سريعًا إلى حياتها ومهنتها. لكن المنزل الهادئ الذي كانت تعرفه في طفولتها لم يعد كما كان، والجدة لم تعد الشخص الذي ربّاها.
بمرور الأيام، تبدأ سوزانا بملاحظة تصرفات مقلقة وغير طبيعية، لتتحول الزيارة البسيطة إلى كابوس بطيء وثقيل، تتداخل فيه المشاعر العائلية بالتجليات الخارقة للطبيعة.
من إخراج باكو بلازا... صانع الرعب النفسي
الفيلم من توقيع المخرج الإسباني باكو بلازا، المعروف بأعمال مثل [REC] وVerónica. بأسلوبه المعتاد، لا يعتمد بلازا على القفزات المفاجئة أو المؤثرات الرخيصة، بل يبني التوتر بهدوء داخل بيئة مألوفة، ما يجعل الشعور بالخطر أكثر واقعية وإقناعًا.
رعب الهرم والشيخوخة... وجه آخر للكوابيس
بعيدًا عن الأشباح والوحوش، يسلط الفيلم الضوء على موضوع نادر في أفلام الرعب: الشيخوخة. الجدة هنا ليست مجرد شخصية عجوز تقبع في الظل، بل تصبح مركزًا للغموض والتهديد. The Grandmother يطرح تساؤلات مؤرقة: هل يمكن أن يتحول الحب والرعاية إلى عبء؟ ماذا نفعل عندما نواجه تدهور من نحب؟ وماذا لو لم يكن التدهور مجرد أمر طبيعي؟
أداء قوي وأجواء خانقة
تقدّم Almudena Amor أداءً لافتًا بدور سوزانا، بشخصية تمزج بين البرودة والضعف. أما Vera Valdez، التي تؤدي دور الجدة، فتبرع في تقديم أداء صامت ومرعب، يعتمد على النظرات وحركات الجسد. وتُسهم الكاميرا والإضاءة والصوتيات في خلق أجواء خانقة ومتوترة داخل شقة مدريدية تبدو في ظاهرها عادية.
تقييمات وآراء نقدية
رغم التباين في آراء النقاد، حظي الفيلم بثناء واسع من محبّي الرعب الفني والنفسي. وُصف بأنه “رواية بصرية قاتمة عن الرعب الداخلي”، فيما رأى آخرون أنه “أبطأ من اللازم لكنه يترك أثرًا نفسيًا لا يُنسى”. كما شارك الفيلم في مهرجانات سينمائية دولية ونُشر عبر منصات كبرى مثل Amazon Prime Video وSony Pictures.
لمن نوصي به؟
The Grandmother ليس فيلم رعب اعتياديًا. ننصح بمشاهدته لمن يحبون الرعب البطيء، الأجواء المتوترة، والأفكار الفلسفية المغلفة بالكابوس. إنه فيلم لا يصرخ في وجهك، بل يهمس في أذنك بأسئلة مزعجة لا تغادر بعد انتهاء العرض.
إذا كنتم تبحثون عن فيلم رعب يزعجكم بهدوء، يغرس التوتر في تفاصيل الحياة اليومية، ويذكّركم بأن بعض الكوابيس لا تأتي من الخارج بل من داخل المنزل… The Grandmother خيار لا يُفوت.