منذ انطلاقة "عروس بيروت" عام 2019، بدأت ملامح موجة درامية جديدة في العالم العربي: تعريب المسلسلات التركية الناجحة. ورغم توقف هذه التجربة مؤقتًا بفعل جائحة كورونا، فإنها سرعان ما استعادت زخمها مع عناوين مثل "ستيليتو"، "الخائن"، "الثمن"، "لعبة حب"، و"العميل".
لكن ما إن وصلنا إلى "القدر" و"آسر"، حتى بدأ منحنى هذه الموجة في الهبوط الحاد.
إخفاق رغم وجود كل عوامل النجاح
من حيث الأسماء، ضمّ العملان نخبة من أبرز نجوم الدراما العربية: قصي خولي، رزان جمال، ديما قندلفت، باسل خياط، باميلا الكيك، وسامر المصري. وجميعهم سبق أن حققوا نجاحًا لافتًا في تجارب سابقة ضمن المسلسلات المعربة. كما استند العملان إلى أعمال تركية ناجحة وصلت أصداؤها مسبقًا إلى الجمهور العربي.
لكنّ الخلل لم يكن في الأسماء، بل في البنية. حاول فريق العمل اختزال النسخة التركية المطوّلة إلى عدد محدود من الحلقات، ما أفرز نتائج كارثية: حبكات مبتورة، شخصيات ضائعة، وتسلسل درامي غير متماسك.
هل تراجعت ثقة الجمهور بالتعريب؟
المفارقة أن فشل "آسر" و"القدر" جاء مباشرة بعد النجاح اللافت لمسلسل "العميل"، ما عزز خيبة أمل الجمهور الذي بات أكثر وعيًا وانتقائية تجاه الأعمال المعربة. لم تعد الأسماء اللامعة ولا الشهرة التركية الأصلية ضمانًا لمتابعة أو تعاطف.
اليوم، بدأت تُطرح تساؤلات جادة حول مصير هذا التوجه:
هل أصبح التعريب مجرد استنساخ دون روح؟
هل يعتمد المنتجون على شهرة النص الأصلي متجاهلين خصوصية الذائقة العربية؟
وهل من المنطقي تحويل نص تركي طويل إلى عمل عربي مكثف دون أن تفقد القصة معناها؟
بين إعادة النظر والتوقف الكلي
ما حدث مع "القدر" و"آسر" قد لا يكون مجرد إخفاقين عابرين، بل جرس إنذار مبكر. إعادة النظر في فكرة التعريب ككل باتت ضرورية، سواء من ناحية النصوص المختارة، أو آلية الاختزال، أو حتى من حيث المنهجية الإخراجية.
قد لا يكون الحل هو التوقف الكلي، لكن الاستمرار بنفس الأسلوب سيقود حتمًا إلى فقدان الجمهور، وضياع هوية فنية بدأت يومًا ما كتجربة واعدة.
فهل تتخذ شركات الإنتاج خطوة إلى الوراء لمراجعة الذات، أم تواصل السير في طريق بات محفوفًا بخسارات متكررة؟