منذ سنوات طويلة تعيش الفنانة شيرين عبد الوهاب تحت دائرة الضوء بشكل مضاعف، ليس فقط كفنانة صاحبة جماهيرية كبيرة، بل كإنسانة تخضع حياتها الشخصية والعاطفية للتشريح العلني. مشاكل عائلية متكررة، زواج وطلاق وعودة، تصريحات وتصريحات مضادة، كلها شكّلت مادة دسمة للصحافة والجمهور على حد سواء. ومع كل محطة، بدا أن اللوم الأكبر يُلقى على الشريك الأقرب، خصوصاً حسام حبيب، رغم أن شيرين سبقت علاقتها به بأزمات دفعتها إلى إعلان اعتزالها الفن ذات مرة، قبل أن تتراجع نزولاً عند إلحاح جمهورها.
هجوم لا يتوقف
وعندما قررت شيرين أن تنتفض على هذا الواقع المرير، صعدت إلى مسرح "موازين" لتغني، فوجدت نفسها أمام جلد جماعي جديد. لم يوفّرها أحد، حتى إطلالتها بفساتين راقية من توقيع زهير مراد لم تسلم من النقد. بدا وكأنها مهما فعلت ستظل تحت مجهر المراقبة والتجريح.
عودة إلى حسام وتجدد الجدل
ومع عودتها مؤخراً إلى حسام حبيب، انفجر الجدل من جديد. وكأن الجمهور لا يغفر لها اختياراتها الخاصة، ليعيد البعض تحميله المسؤولية، فيما رآها آخرون قراراً يعكس عجزها عن طي صفحة الماضي. وفي خضم ذلك، أسرّت شيرين لصديق مقرب برغبتها في اعتزال الفن مرة أخرى، بعدما شعرت بحجم التدخل السافر في تفاصيل حياتها، وهو ما دفع من انتقدوها سابقاً إلى إطلاق حملات لثنيها عن القرار.
من يتحمّل المسؤولية؟
تتعدد القراءات لتفسير هشاشة شيرين النفسية. هل السبب تركيبتها الشخصية الرقيقة التي جعلتها عرضة لتعاطي مواد ممنوعة كانت تعالج منها في المستشفى؟ أم تجاربها العاطفية المتعثرة التي كسرت ثقتها بنفسها؟ وكيف لفنانة تمتلك الشهرة والمال والأسرة وحب الملايين أن تظل بهذا القدر من القابلية للانكسار؟ أليست هذه العوامل كافية لتمنحها صلابة أكبر؟
دور الصحافة والجمهور
الصحافة، بلا شك، تتحمل جزءاً من المسؤولية. فبدلاً من الاكتفاء بتغطية نشاطها الفني، انساقت بعض المنابر وراء التفاصيل الشخصية والفضائح، مما ساهم في تضخيم الأزمات وإبرازها على حساب نجاحاتها. أما الجمهور، الذي يفترض أنه سند، فقد تحوّل أحياناً إلى قاضٍ لا يرحم، يجلدها على خياراتها الخاصة قبل أن يطالبها بالعودة عن قراراتها العاطفية والفنية.
اعتزال جديد: نزوة أم قرار نهائي؟
يبقى السؤال الأساسي: هل قرار الاعتزال هذه المرة مجرد ابن ساعته، جاء كرد فعل انفعالي على ضغوط متراكمة، أم أنه يمثل قناعة نهائية لدى شيرين بأنها لم تعد قادرة على تحمّل تبعات النجومية؟ الجواب لا يزال معلقاً. ما هو مؤكد أن هشاشتها النفسية، وتراكم الضغوط، يجعل أي قرار منها عرضة للتبدّل في لحظة، وأن مصيرها الفني سيظل مرهوناً بقدرتها على التوازن بين الإنسانة التي تبحث عن الطمأنينة والفنانة التي يطالبها الملايين بالاستمرار.