في عمر الخامسة والستين، تبدو إلهام شاهين وكأنها ما زالت في عشرينات التألق.
لا تُقاس السنوات في حياتها بعدد الأيام، بل بنبض الحركة، بقدرة الروح على البقاء في الضوء دون أن يُنهكها وهجه.
منذ أن ظهرت للمرة الأولى مراهقةً في مسلسل «أمهات في المنفى» (1981)، ثم خطفت الأعين في فيلم «العار» (1982)، كانت تُشيّد مسارها بثقة من يعرف طريقه.
لم تكن ظاهرة عابرة، ولا وهجًا يلمع ثم يخبو.كانت، وما زالت، مشروع نجمة تصنع نفسها كل يوم.

طاقة العطاء… لا تنطفئ
نجمات كثيرات يعبرن في سماء الفن، لكن قلّما تبقى واحدة تسابق الزمن بدل أن تسابقه السنوات.
إلهام شاهين فعلت ذلك ببساطة مذهلة. يكفي أن نقرأ في أرشيفها لنفهم حجم الطاقة التي تحركها:عام 1986 وحده قدّمت عشرة أفلام.
وفي 1987 ثمانية أفلام أخرى بلا انقطاع.
هذه ليست مجرد «غزارة» في الإنتاج، بل اندفاع كامل نحو الفن.قدرة على الحركة، على الاستمرارية، على الوقوف كل يوم أمام الكاميرا كما لو أنها المرة الأولى.
امرأة تسافر بالشغف
تُسافر إلهام بين مصر ولبنان وأميركا بخفة روح لا يعرفها سوى من يرى الحياة من نافذتها الواسعة.
في لبنان، تستظل بالخضرة وكأنها تستنشق شبابًا جديدًا.وفي القاهرة، تعود ملكة مسارحها وسينماتها وذكرياتها الطويلة.
حتى تنقّلها يشبهها:مليء بالحرارة… مليء بالنبض… مليء بالرغبة في أن تظل حيّة.لا حضور ساكن لها.حيث تكون، يكون الحوار والنقاش والدهشة وتلك الضحكة المجلجلة.
البساطة حين تكون موقفًا
لم تتزين إلهام يومًا بقناع. قربها من الناس من الصحافة، من الجمهور، من الشارع حقيقي وغير مصنوع.لكن خلف تلك العفوية، امرأة لا ترتجف حين يشتد الموقف.
يكفي أن نستعيد موقفها الشهير يوم قالت عن الرئيس محمد مرسي:"معندناش رئيس… وهو مش رئيسي ولا أعترف به".في وجه سلطة كانت تُخيف الكثيرين.
كانت تعرف أن للكلمة ثمنًا.ورغم ذلك… قالتها.لأن الفنان موقف وهي مواقفها تشبه فنها قوية وصارخة وواثقة.

نجمة تزداد نورًا
غالبًا… الزمن يأخذ من البريق.لكن هناك ندرة من الفنانات يُعيد الزمن تشكيلهن نحو اكتمال أجمل.وإلهام شاهين من هذه الفئة.
لا تبحث عن شباب لا يعود.بل تُعيد تشكيل حاضرها مع جاذبية القوة، الوعي، الأنوثة القادرة على الاعتراف بعمرها دون أن تفقد خفتها.
إلهام اليوم ليست ما كانت عليه بالأمس.بل أكمل. أعمق. أهدأ. وأكثر إشراقًا.وكأن لدى هذه الفنانة ما تقوله ومسرحها ما زال مضاءً وجمهورها يتنظر أدائها المبهر ليصفق لها بحرارة.