قلم نورة العمري يحسب له التقدير والابداع
كتبت نورة العمري مسلسل "المحامية" الذي يعرض على منصة "شاهد"، بقريحة متفتحة وواثقة، مقدمة عملًا دراميًا ينبض بالحياة الاجتماعية السعودية، لكنه يمتد صداه ليشمل كل المجتمعات العربية، بل قد يمتد ليصل إلى الصعيد الإنساني العالمي.
المسلسل يتناول واقع المرأة في مجتمع تقليدي، فيرصد التقاليد والأعراف بأسلوب إنساني دقيق، ويبرز كيفية تعامل المجتمع، وخاصة الرجل، مع المرأة وكفاحها لإثبات ذاتها. الأهم من ذلك، أن كل مشهد وكل كلمة في العمل محسوبة بعناية؛ لا شيء يبدو حشوًا أو خارج السياق، بل كل مشهد مشدود العصب، يمس وجدان المشاهد مباشرة. اللغة المستخدمة نافذة إلى الإنسان، تعلم وتؤثر دون أن تكون وعظاً أو تعليماً، وهو ما يجعل تجربة المشاهدة فريدة ومثيرة.
لقد أبدعت نورة العمري في نقل هذه الدراما إلى مواقع الجذب الثقافي والاجتماعي، حيث استطاعت تصوير الحالات الإنسانية والاجتماعية بتوازن رائع بين التشويق والواقعية.ومررت من خلال ذلك وضع المرأة في المملكة والقوانين التي تحكمها ومدى الانفتاح الذي أصاب مكانتها.

لبنى عبد العزيز قوة وجاذبية
أما لبنى عبد العزيز، فقدمت دور "مها" بتميز كبير، مجسدة شخصية المحامية التي حرمت من رؤية أولادها لمدة عشر سنوات لأنها اختارت أن تتعلم وتعمل. الدراما هنا تدعم المرأة عبر تصوير إمكانياتها ومواقفها، لتكون رسالة تبشيرية عن حق المرأة في التعلم والعمل وتحقيق الذات، في مجتمع يسعى نحو النهضة والانفتاح.
قدمت لبنى شخصيتها بقوة وهدوء، فاتحة لنفسها مكانة امرأة مثلى بكل ما فيها ، لتجسد امرأة صامدة تحمل الكثير من الحزن والمآسي، لكنها في الوقت نفسه ناجحة ومؤثرة. الشخصية التي رسمتها الكاتبة للبطلة ، تظهرها كامرأة سعودية معاصرة، متعلمة، واثقة، تحمل هم الدفاع عن الآخرين، قبل أن تواجه التحديات الشخصية والمهنية.

الدراما بين الواقع والقضاء
اختارت نورة العمري أن تسلّط الضوء على الزوايا النفسية للشخصية، بعيدًا عن الاكتفاء بالمشهد القضائي، فأسندت إلى مها علاقات مع الأهل والزملاء تنسج خيوط التوتر والتعاطف جنبًا إلى جنب مع أروقة المحاكم، ما أضاف ثراء وعمقًا للعمل.
هذا المسلسل يؤكد بأن الدراما السعودية باتت لها مكانة قوية، سواء من حيث النصوص المحكمة، أو الطاقات التمثيلية المبدعة. العمل مشدود العصب والنص شيق ، الشخصيات جذابة، وبطلة أتت بأكثر مما يتوخى المشاهد، مدعومة بفريق عمل متكامل يمنح الدراما السعودية مكانة مرموقة على خارطة الإنتاج الفني العربي.

يلتقط انفاس المشاهد
من اللحظة الأولى وحتى نهاية الحلقة العاشرة، يشدّ المسلسل أنفاس المشاهدين. لا يوجد لحظة ضائعة، ولا مشهد يمكن تجاوزه مرور الكرام؛ كل كلمة، كل صمت، وكل موقف محسوب بعناية ليبقي الجمهور متعلّقًا بالشاشة، متفاعلاً مع صراعات الشخصيات وانتصاراتها، مستمتعًا برحلة درامية تجمع بين الإثارة، الإنسانية، والواقعية الاجتماعية. وشخصية البطلة ستبقى درساً ونمطاً نتعلق به ونقدره.
