TRENDING
رودولف هلال… مايسترو  يحرّك ليل التلفزيون بنبرة تهزم كل الضجيج

رودولف هلال… سيّد الحوارات وراعٍ لأسرار الأرواح

رودولف هلال، القادم من عالم الدراسات العليا في إدارة الأعمال، يجلس اليوم على عرشٍ من نوع آخر: عرش الليل الحواري، حيث تُضاء العقول من دون صخب، وتُفتح القلوب من دون مفاتيح. عرفناه منذ أكثر من خمسة عشر عاماً متنقلاً بين OTV وMTV وLBCI، وما زال حتى اللحظة يثبت أن الضوء الحقيقي لا يلمع بالصوت العالي، بل بالصدق العميق والهدوء المتقن.

لم يكن رودولف مقدّم برامج عابر، بل حارس ليل يعرف كيف يُنصت حتى تنفتح الأرواح، وكيف يلامس جمر الأسئلة من دون أن يحرق، وكيف يقشّر حكايات ضيوفه على نار هادئة، بلا نقرٍ ولا قفزٍ ولا انتفاض ولا نتفٍ.

يجلس أمام ضيفه كمن يقترب من نافذة ليل: برفق، بحنو، بفضول بريء لا يجرح، وبأسلوب يحوّل الحوار إلى جلسة بوح كأنها صداقة قديمة تعود للحياة.


اليوم، في برنامجه "المسار" على LBCI، ومع حلقات جمعته بنوال الزغبي وباميلا الكيك، بدا أن رودولف لا يدخل ضيفه إلى الأستوديو بل إلى "صالة القلب". والنجمتان اللتان اعتاد الجمهور رؤيتهما مراراً لم تبدوا مكرّرتين أو عابرتين؛ لأن رودولف يعرف كيف يفتح زوايا غير مطروقة، وكيف يقدّم القديم بثوب جديد، وكيف يصنع خبراً من داخل الخبر، ومعنى من خلف السؤال.


يملك تلك النبرة المبتسمة التي لا تتهجم ولا تتجمّد، نبرة تفتح أمامه درباً من ثقة وألفة. يمرّ على المواضيع الحسّاسة بأنامل رقيقة، يثيرها ويكشفها من دون أن يتورّط في الفجاجة أو الرداءة. هو مهندس رؤية؛ يدير زوايا الحوار كمعماري موهوب، يضيء الزوايا، يرفع السقف، ويترك ضيفه يرى نفسه من منظور جديد.

برهن رودولف أن فن الحوار ليس في الصوت المرتفع، ولا في الاستفزاز، ولا في الضرب على الممنوعات لمجرّد الإثارة. الحوار عنده طقس إنساني: يأتي من الصدق، من العفوية الحانية، من إعداد محترف، ومن أسئلة تنبض بالحياة لا بالكمائن.

هو لا يعرّي ضيفه؛ بل يستره بما يليق بإنسانيته. لكنه في الوقت نفسه يعرف كيف يلمس الأعماق الدفينة، تلك التي لا تُقال حتى للذات أحياناً، فتأتي الإجابات فيضاً صادقاً لم يكن مخطَّطاً له. وهنا تكمن حرفيّته وأسلوبه في أن يجعل الضيف يبصر نفسه قبل أن يراه الجمهور.

وإذا غاب رودولف، يعود دائماً أكثر بريقاً. لا يعود بصخب، بل بتجربة. لا يعود بضربات في المحرّمات، بل بلمسات على الأوتار الحسّاسة. يعود ومعه حوار يرنّ… لا يجرح. يوقظ… ولا يبتذل. يضيء… ولا يعتم.

رودولف هلال الإعلامي :فنان في الإصغاء، وصائغ للبوح، ورسام للّيل التلفزيوني بلون الطمأنينة. هو من مدرسة تقول إن الكلمة حين تُقال بصدق تصبح رحبة ، وإن السؤال حين يُطرح بمحبة يصبح مرآة. في زمن يتسابق فيه كثيرون على الضجيج، يبقى رودولف هلال شاهداً أن الهدوء هو أعلى درجات الصوت، وأن الحوار حين يكون إنسانياً… يصبح فناً.