في الأعياد، لا تختار الموضة ألوانها عبثًا. والأخضر، على وجه الخصوص، يعود كل مرة محمّلًا بدلالات تتجاوز الجمال البصري. هو لون التجدد، السلام الداخلي، والوفرة. لون يرتبط بالطبيعة، بالروح، وبالبدايات الجديدة، لذلك لا يبدو غريبًا أن تعود إليه النجمات في لحظات احتفالية مفصلية، من الأعراس إلى السجادة الحمراء، ومن الحفلات الكبرى إلى المناسبات العائلية الخاصة.
خلال هذا العام، رأينا الأخضر يتكرّس كلون له حضور طاغٍ، متعدّد القراءات، تتبنّاه نجمات من مدارس أناقة مختلفة، لكن يجتمعن على الإحساس ذاته: القوة الهادئة.
هيفاء وهبي… الأخضر حين يعود من ذاكرة الألفية

في عرس “يومي”، اختارت هيفاء وهبي أن لا تكون أسيرة اللحظة، بل أن تعود بالزمن إلى حيث لا تموت الأناقة. استعادت فستانًا من أرشيف Roberto Cavalli، من مجموعة خريف وشتاء 2000، بنقشة الحمار الوحشي باللونين الأخضر والأسود، لتُعيد إحياء روح الألفية الثالثة بجرأة محسوبة.
هذا الفستان ليس مجرد قطعة فينتج، بل وثيقة موضة تعكس مرحلة كاملة من تاريخ الدار الإيطالية، حيث اشتهر كافالي باستخدام الطبعات الحيوانية كعلامة قوة وأنوثة غير مروّضة. اختيار هيفاء لهذا التصميم أكد مرة جديدة قدرتها على العودة إلى الخزائن القديمة لكبريات الدور العالمية، وانتزاع قطعة لا تزال حيّة، نابضة، وقابلة للتأويل العصري.
هيفاء لم ترتدِ اللون الأخضر كصيحة، بل كهوية… كخيار واعٍ يربط بين الماضي والحاضر، ويُعيد تعريف الجرأة بأسلوب راقٍ لا ينطفئ.
سينثيا إريفو وهايلي بيبر الأخضر يتصدّر المشهد في 2025
على السجادة الحمراء، حمل اللون الأخضر قراءتين مختلفتين تمامًا، لكنهما متكاملتان.

Cynthia Erivo اختارت الأخضر الزمردي المخملي لونًا عميقًا، كثيف المعنى، يلامس الفخامة الكلاسيكية. في حفل الاوسكار لهذا العام 25 إطلالتها لم تعتمد على الصراخ، بل على الثقل البصري، حيث بدا الأخضر كدرع أنثوي فني، يعكس شخصيتها القوية وحضورها المسرحي اللافت. هذا الأخضر ليس مرحًا، بل تأملي، ملكي، ويخاطب ذائقة تبحث عن العمق لا الاستعراض.

في المقابل، قدّمت Hailey Bieber الأخضر بنبض معاصر، من خلال درجة Kelly Green الجريئة. لون مشرق، نابض، يعكس روح الجيل الجديد، وسرعة الإيقاع، والموضة اليومية التي تتحوّل إلى بيان أسلوبي. الأخضر هنا بدا طازجًا، حضريًا، وكأنه يخرج من شوارع نيويورك لا من القصور.
لون واحد، أسلوبان، ورسالة واحدة: الأخضر هو لون المرحلة.
كارول سماحة… بريق أخضر على مسرح بيروت
في حفلها الأخير في Beirut Hall، اختارت كارول سماحة فستانًا أخضر براقًا من توقيع المصمم بيتر عبد الكريم. تصميم ينسدل على الجسد بانسيابية أنثوية واضحة، مع زنار رفيع يحدّد الخصر بدقة، من دون قسوة.

القماش حمل بريقًا ناعمًا غير فجّ، يعكس الضوء بحسٍّ مسرحي أنيق، فيما اكتملت الإطلالة بعقد فضي متوهّج، أضاف توازنًا بين الفخامة والهدوء. هنا، بدا الأخضر كلون ناضج، أنثوي، يليق بالمسرح وبالصوت، ويترجم حضور كارول الفني بثقة وأناقة.
بيلا حديد… زمرد الطبيعة في عرس العائلة

في زفاف شقيقتها ألانا حديد، أطلت بيلا حديد بفستان أخضر زمردي من توقيع Raisa Vanessa، بدا كأنه قطعة من الطبيعة خرجت لتشارك الفرح. التصميم الملتصق بالجسد بانسيابية حريرية، والمزخرف بتقنيات الليزر مع كشكش ناعم، كشف عن أناقة صامتة لا تحتاج إلى زينة زائدة.
قصة الهالتر الغائرة عند الصدر منحتها حضورًا جريئًا بلا افتعال، فيما تدرّجت الطبقات المموجة في الأسفل كأوراق شجر ترقص على إيقاع نسيم مسائي. الأخضر هنا لم يكن لونًا فقط، بل إحساسًا: حرّ، طبيعي، وغير مصطنع.

جيجي حديد… الأخضر كلغة هادئة للأناقة

أما جيجي حديد، فاختارت الأخضر بأسلوب أكثر هدوءًا واتزانًا، كما اعتادت. في أكثر من إطلالة هذا العام، لجأت إلى درجات خضراء ناعمة تميل إلى الزيتوني أو الأخضر العميق، غالبًا بتصاميم نظيفة الخطوط، تبرز القماش والقصّة بدل الزخرفة.
جيجي تتعامل مع الأخضر كلون يومي راقٍ، لا يحتاج إلى مناسبات كبرى ليُثبت حضوره. هو جزء من أسلوبها العملي–الأنثوي، حيث تتحوّل البساطة إلى أناقة مدروسة.
في العيد، وفي عام 2025 تحديدًا، لم يعد الأخضر خيارًا ثانويًا. هو لون الروح حين تحتفل، ولون الأناقة حين تختار الصدق. من هيفاء وهبي إلى Cynthia Erivo، ومن كارول سماحة إلى الأخوات حديد، الأخضر أثبت أنه اللون القادر على حمل المعنى… والجمال معًا.