Painkiller مسلسل من6 حلقات يعرض على منصة Netflix، ويعتبر من أهم المسلسلات التي تمزج بين العمل الدرامي والوثائقي، عن قصة حقيقية عن إحدى شركات الأدوية في أميركا "بوردو فارما" التي ابتكرت حبوباً تحت مسمى دواء، أسمته أوكسيكونتن وهو مستحضر من مواد مخدرة "الأفيون والهرويين".
وجنّدت الشركة لتسويقه فريقاً من الشباب الطموح لا سيما الصبايا الجميلات اللواتي يستطعن إقناع الأطباء في وصف هذا الدواء لمعالجة الألم. وكانت النتيجة انتشار الإدمان والموت وتحقيق أرباح بالمليارات.
يتبين خلال العرض الجشع وعدم إنسانية الطاقم الطبي الذي يصنع أو يصف هذا الدواء الذي قتل آلاف الأميركيين. كما يضيء على عائلات تفككت ومدراس عانت وكيف استطاع هذا "الدواء" تحويل المجتمع إلى كارثة حقيقية.
الغرض من صنع الأكسيكونتن
الرائع في هذا الوثائقي بأنه يذكر كل الحقائق ويعطي كل الأسماء ويظهر الحقيقة كما هي وكيف يتحوّل الطبيب إلى ذئب قاتل.
تعود أصول القصة إلى الطبيب أرثر ساكلر، وهو من المؤثرين جداً في المشهد الطبي في أميركا، فهو من مبتكري الأسبرين والفاليوم. ولعبت عائلته دوراً في تمويل العديد من المؤسسات الفنية والجامعات. وهي من أغنى العائلات في العالم. ويملك أرثر مع أخوته الأطباء شركة أدوية تدعى "بوردو فارما". وعندما توفي أرثر عام 1987نتيجة سكتة قلبية تبين أن هذه الشركة تحديداً مفلسة وعلى وشك الانهيار. استلم إدارة الشركة ابن شقيقه ريتشارد ساكلر.
وبدأت النقاشات ضمن أفراد العائلة وكلهم من الأطباء الكبار، حول إمكانية إنقاذ الشركة من الإفلاس فراح التفكير باتجاه ابتكار دواء للأسنان أو الحمى أو السعال، لكن تبين لهم أن مثل هذه الأدوية لن تتمكّن من انتشال الشركة من وقعتها. فكان رأي ريتشارد وهو الرأس والمفكر بأن يبتكر دواءً يخفف الألم ويزيد المتعة بشرط أن يدخل المريض في دوامة المزيد من الدواء، والمزيد من المتعة وعدم الإحساس بالألم.
الدواء القاتل
وكان الأوكسيكونتن... هذا الدواء المبني على المخدر. فقام بإنشاء شركة إعلانات بهدف توزيع والتبشير بهذا الدواء العجائبي. ووظف مئات الشباب لا سيما الفتيات الجميلات اللواتي اكتسحن الريف الأميركي بهدف إقناع الأطباء بأهمية هذا الدواء، وقدرته على السيطرة على الألم ونجحوا في مرادهم. وبدأت الكارثة الحقيقية في المجتمع الأميركي. وانتشر اسم الاكسيكونتن كالنار في الهشيم. وحققت الشركة "بوردو فارما " أرباحاً طائلة.
الوثائقي يتناول القضية بشكل مثير وأقرب الى الحكاية الدرامية المشدودة العصب وبتشويق كبير. كل الأحداث حقيقية فيما يخص عائلة أرثر أو البائعات اللواتي يسوقن للمنتج المميت، او العائلات التي تضررت نتيجة الأوكسيكونتن، وكانت نتفليكس حريصة على أن تكون معظم الأحداث حقيقية ومأخوذة من الواقع.
تشريع الموت
بداية كان يتم توزيع الأكسيكونتن في الأطراف من البلاد، ودوماً حجة ممثلي مبيعات شركة بوردو فارما كانت دراسة تشير إلى أن الإدمان يحدث في قلة قليلة فقط من المرضى.
وكان يهم الشركة أن تحصل على موافقة FDA منظمة الصحة والأغذية الأميركية حتى يصبح الدواء شرعيا وقانونيا. رفض الطلب عدة مرات من قبل المنظمة على أساس أنه يحتوي على المخدر بكميات كبيرة. تحايلوا بكل ما ملكت أيديهم وكان الطبيب د. رايت هو المسؤول عن إعطاء هذا الإمضاء، غرروا به بكل الوسائل وبعد محاولات مضنية تمّ منح التوقيع، وبات اوكسيكونتن شرعياً ومن ثم أنتقل د. رايت للعمل في بوردو.
شُرع الموت، وبدأت الكارثة، بات هذا الدواء على رفوف كل الصيدليات أكثر المرضى أدمنوا عليه حتى أولاد المرضى صاروا يدمنون. دواء يخفف الألم يزيد المتعة ويرفع الطاقة الجنسية. يحكي الوثائقي عن عائلة غلن كريجر والمأساة التي مرت بها العائلة. نتيجة هذا التشريع بات الاكسيكونتن محمياً وذاع صيته في البلاد ولدى الأطباء. بات يوصف بكثرة والنتيجة كانت ارتفاع عدد الموتى بسبب جرعة زائدة من الدواء القاتل.
في واشنطن وحدها كان يموت 250 شخص كل عام بجرعة زائدة. وسجلت في عام واحد 16 الف مدمن . ونتيجة الإدمان زادت الجريمة كما زادت الفوضى واقتحام البيوت والسرقات، وأقفلت معامل واضطربت شركات، وانهارت عائلات وعمَ الحزن والضيق وصار الموت داخل الأبواب وخارجها.
استراتجية الموت
اعتمدت شركة بوردو استراتجية المكافأة بسخاء. إذ تمت مكافأة الأطباء الذين كتبوا أكبر عدد من الوصفات الطبية، حيث حقق الأوكسيكونتين أكثر من مليار دولار سنويًا.
قام ريتشارد بتغيير استراتيجية المبيعات من أجل إعطاء الأولوية لقوة الجرعات، مما جعلها أكثر إدمانًا؛ وتم تجاهل مخاوف الأطباء الأفراد داخل المجتمع الطبي فيما يتعلق بسلامة الدواء، حيث أشارت شركة "بوردو فارما" إلى الدراسة التي بدا أنها تشير إلى سلامة الدواء، وألقت كل اللوم على "متعاطي المخدرات". ومع الارتفاع الكبير في مبيعات الأوكسيكونتين، أصبحت المواد الأفيونية متاحة بسهولة أكبر في السوق السوداء بسبب عدد الوصفات الطبية المباعة.
تبيان الحقيقة
أمام تفشي هذا الوباء ما كان أمام المحققين الفيدراليين سوى التفتيش عن السبب خلف هذه الظاهرة المميتة. ويمكن اختصار كل هؤلاء بشخصية المحققة إيدي فلاورز التي حركت القضية ضد شركة بوردو حتى وصلت إلى الكونغرس الأميركي ونشهد كيف تتم طمث الحقائق من خلال النفوذ وباتصال هاتفي يمكن أن تتغير الاحكام.
وانتهى الامر بتسوية إذ قامت عائلة ساكلر بدفع 24 مليون دولار مقابل إقفال القضية، لكنها واجهت بعد ذلك دعاوى قضائية إضافية تربطها مباشرة بزيادة الوفيات المرتبطة بالمواد الأفيونية منذ ظهور الأوكسيكونتين.
ثم أعلنت شركة بوردو فارما إفلاسها في عام 201 بعد تسوية قدرها 4.5 مليار دولار.ومع ذلك استمرت عائلة ساكلر بالنأي عن نفسها بأن هذا الدواء يسبب الموت. وتضع الحق على المدمنين وعائلاتهم.
يمكن اعتبار هذا العمل من أجمل ما قدمت Netflix لأنه جمع الاحداث على طريقة الدراما بالإضافة للإخراج المبدع والمشوق ، وإظهار الحقائق الواقعية. وكونه تناول بجرأة حقيقية ما نسمع عن شركات الأدوية التي لا يهمها سوى الربح وجمع المال على حساب موت الناس.
من الممثلين أبطال العمل :
ويست دشفوني- تايلوركيتش- ماثيو برودريك- دينا شهابي- أوزو أدوبا – كارولينا بارتشك – تايلور رايت
إخراج بيتر بارج