TRENDING
نيشان اللاذع المرّ.. تعرف خطابه من أدبه وعطره

عقد نيشان ياقته وحضر مبكراً كمهني وراح ينتظر حتى تعقد جلسة الحوار لكن الضيفة لم تأت، سأل أين هي؟ هل تُحضّر صوتها الشتوي؟ قال ما قال ولم يغرف كلامه من جيبه الخاص بل غرف من سلّتها.

أنهى منتدى الإعلام العربي دورته بنجاح لم يعكّر صفوه سوى ماكياج ياسمين عز، القليل من المساحيق قلبت المنتدى وضيوفه. علماً أنّ الأجندة في هذه المؤتمرات تكون مكتوبة ومرصوفة بالوقت المحدد والدقيق. لكن سيدة "التراند" يحق لها ما لا يحق لغيرها، لينتظر محاورها ولينتظر كل الاعلاميين الذين أتوا من كل البلدان، حتى تأتي صاحبة الألسن المتعددة في اللغة من الفرعونية إلى الفينيقية والخبيرة بفقه معاملة الرجل للمرأة. كان على الجميع أن ينصاع لتوقيت ماكياجها.

نيشان صاحب الدهاء الدّمث

لا شيء يجمع بين نيشان وياسمين عز. فهو ابن الكلمة الموزونة وممتشق الرصانة والأستاذ الجامعي الذي يعلّم فن الإلقاء وطريقة الحوار. هو المتكلم الذي يعرف كيف يرصف فكره في أجمل قالب، وكيف يؤثر على جمهوره بتلك الحصافة والحنكة. إن حكى تعرف خطابه من أدبه وعطره، وإن حاور يعرف كيف يقشر ضيفه بتلك السلاسة ودغدغة المحبين. سكوبه يكمن في أسلوبه السمح، ودهائه الدمث.

لم يكن الجمع بين نيشان وياسمين عز منطقياً، إلا إذا اعتبرنا أنّ الإعلامي عليه أن يحاور علية القوم وأدناهم دون تحيّز أو تفرقة. يضع مهنيته في المكيال ويقوم بعمله كما يجب.

نيشان قادر بذكائه أن ينصف مكانته ويظهر قدراته أينما وجد. ففن الحوار حرفته. ولو حدث وحاورها كانت ستحتاج إلى الكثير من الماكياج والأساس foundation لطلي تلك الترهلات وإخفاء العيوب ليس في الوجه بل في الفكر.

جمع الوقار والتفاهة

كان من المثير أن يتم جمع الاحترام بالرعونة، والوقار بالسفاهة، والرزانة بالغباء. والفطنة بالطيش. علماً أنّ كل هذا صعب جمعه على حصير واحد. بكل الأحوال لم يحدث. وإن حدث سيكون هناك واقعة من نوع آخر. وكان من الفطنة أنّ ياسمين عز لم تحضر وتقارع كل هذا السيل.

قال نيشان في معرض حديثه عن التراند إنّ المواقع الإباحية تجلب ملايين المشاهدات لكن هذا ليس "ترند"، الترند هو أن تصرّح بما يمس العمود الفقري والنخاع الشوكي للمجتمع." هذا هو الإعلامي الذي يتقن المهابة. لكن المثل يقول من "في جنبه مسلة تنعره." ويبدو أن النعرة كانت قوية لدرجة ستوصل نيشان إلى المحاكم.

محاكم نيشان موجودة في تاريخه الذي يقارب ثلاثة عقود في الإعلام، محاكمه في الثقافة التي حصّلها واللغات التي يتقنها وفي الأصداء التي تصيب جمهوره وفي عشرات البرامج التي قدمها. ولم يزح يوماً نحو الإسفاف حتى ولو كان الموضوع شائكاً أو محرماً يعرف كيف يقارب موضوعاته بالكثير من الحيطة والدراية دون أن يقع في فخ الابتذال.

نيشان اللاذع والمر

الأضداد لم تجتمع. وحتى في فرقتها اشتعلت النيران. نيشان موقد حين تستعر نار الخطأ ويعرف كيف يقد الحطب، وكيف يحرق الجهالة. المحاكم كانت يجب أن ترفع منذ أن فتح الهواء للمتطفلين الذين لا يفقهون سوى البلاهة. ويتركون المنابر لأربابها تعطي من فضائها النّير بعيداً عن ظلمات الفكر والتخلف.

نيشان لاذع ومرّ ويعرف متى تدق الحدّوات في الحوافر حتى يستقيم السير ويصل الحمل سليماً إلى وجهته.

بكل الأحوال لا تتساوى الأرض اليباب بتلك المزهرة. فالغيرة ستكون طاحنة، والخلافات بينة.

الطيور تبني أعشاشها على الأغصان المورقة والوعول لها أرضها القاحلة. لترفع محاكم الحق حتى تفرق بين الضلال والرشد. بين الجدب والخصب. وحينها سنسمع صوت المطرقة عالياً ويرفع لها نيشان.

يقرأون الآن