مرّ عقد من الزمن على وفاة الفنان المصري القدير خالد صالح، لكن أعماله لا تزال حاضرة في وجدان المصريين رغم رحيله. فقد ضجّت المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي اليوم بذكرى وفاته، واستذكرت مواقف مختلفة من محطات حياته.
وتأثرت حياة الفنان الراحل بعلاقته بشقيقه الأكبر محمود. حيث سرد في أحد تصريحاته الصحفية، أن التحديات مع شقيقه لعبت دورًا أساسيًا في دفعه نحو النجاح، ووضعته على أولى خطوات طريقة إلى عالم الفن.
وعندما لحظ فيه شقيقه حبه للتميّز منذ بداياته، كان خالد يعمل في مهنة المحاماة. لكنه يخطط يومًا لدخول عالم المحاماة الذي عمل فيه لفترةٍ قصيرة. وحين سأله في يوم من الأيام إن كان يحب هذه المهنة ويريد العمل بشهادته، أجابه: بـ"لا". لكن شقيقه قابل رده بفكرة جديدة، قائلا: "ما رأيك أن نفتح مصنع حلويات شرقية؟" فوافق معه، وكانت أولى خطوات المغامرات المشتركة بينهما.
وحين طلب شقيقه منه شراء بعض المواد الأساسية، وهي "كيلو من الدقيق وكيلو من السكر وقالب زبدة"، بدا الأمر وكأنه طلبًا بسيطًا بالنسبة له. لكن شقيقه صنع قالب حلوى بعناية، وابتكر فكرة تغليفه بشكل أنيق ومُلفت، ثم قال مازحًا: "مبروك يا عم.. هذا هو أول إنتاج للمصنع".
وكان هذا القالب خطوة صغيرة لانطلاقة كبيرة. فقد تحوّل المشروع إلى عمل له مكانته، وزاد الإنتاج حتى أصبح لديهما ثلاث عربيات نقل وشبكة توزيع تصل لعدة محافظات.
لكن النجاح لم يرض خالد. لأن التعامل مع شقيقه لم يكن سهلاً. فقد كان شقيقه صارمًا بضبط مواعيد العمل. لكن خالد كان يستصعب الالتزام بدقة المواعيد بسبب حبه للسهر.
وعندما تأخر على الوصول إلى عمله في صباح أحد الأيام، جاءه شقيقه بقرار حاسم، وطرده من العمل، قائلاً: "خالد، شكرًا على خدماتك، ويكفي حتى هنا".
لحظة صادمة
وصف "صالح" تلك اللحظة بأنها كانت صادمة. فقد شعر حينها أنه يفقد مصدر رزق أسرته. لكنه لم يُظهر استياءه وودّع شقيقه الأكبر، وغادر.
لكن وقع الصدمة، دفعه لاتحاذ قرار التحدي مع نفسه، حيث قرر الراحل أن يتبع شغفه الحقيقي، ويجرّب التمثيل. وقال في سرّه: "سأجرب التمثيل، وإذا لم أنجح في سنتين، سأعود لفتح المصنع في تمام السابعة صباحًا". لكن خالد أثبت نفسه بقدرات تمثيلية عالية، وتابع مشواره الفني الذي لم ينته قبل أن يتوقف قلبه مشكلاً برحيله صدمة كبيرة على زملائه في الوسط الفني، حين توفي عقب أزمة قلبية خضع بسببها لعملية جراحية، لكنه، لم ينج، ورحل تاركًا بصمة فنية جميلة في أعماله.
قدم الراحل شخصيات لا تنسى في الدراما المصرية على شاشة السينما والتلفزيون أبرزها فيلم "هي فوضى" وشخصية حاتم أمين الشرطة وجملته "اللي مالوش خير في حاتم مالوش خير في مصر". وأيضًًا شخصيته في دور الضابط "رفعت السكري" في فيلم "تيتو"، لا تزال حاضرة!
لقد اشتهر الراحل بأدوار الشر في أعماله غالبًا، لكن الذين عرفوه عن قرب قالوا أنه ممثل رائع ورجل كان يحمل سمات الطيبة والود بين زملائه.