ربما يغيب عن بال الأجيال الطالعة أن الفنان السوري القدير دريد لحام كان أول من انتقد النظام السوري الذي سقط في بلاده، بغض النظر عن المواقف التي اتخذها منذ قيام الثورة عام 2011، لاعتبارات عدة كان أبرزها رفضه للعناوين التكفيرية التي أطلقها الثوار في تلك الفترة.
وعلى ما يبدو، فقد قرر اللحام تذكير السوريين بمواقفه السابقة ورفضه للظلم بحق السوريين، فشارك عبر "يوتيوب" مقطعًا من مسرحيته الشهيرة "كاسك يا وطن" التي وجهت انتقادات قاسية للنظام في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد.
وها هو بعد أيام على التحولات السياسية وتغيير نظام الحكم في سوريا، أطل ليشارك الشعب السوري فرحته بسوريا جديدة، بتصريحاتٍ قال فيها بالعامية السورية: "عاشت سوريا حرة أبية"، وأضاف: "مبروك لوطني سوريا ولادتها الجديدة، ولحتى نضل نحتفل بهذه المناسبة كل عام، لازم نبقى إيد واحدة بكل طوائفنا وانتماءاتنا السياسية، ويجب أن تكون طائفتنا الوحيدة هي سوريا، ونغنّي متل ما كنا نغني نحنا وأطفال، موطني - موطني".
وختم مؤكدًا على أن هذا البيان هو الوحيد الصادر عنه بهذه المناسبة، وقال: "عاشت سوريا حرة أبية".
لمحات
يُذكر أن "اللحام" أتقن في زمن النظام السوري اللعب على وتر الكلمات التي ترضي أجهزة مخابرات النظام. حيث أجاد السير بين النقاط، واستغل المقابلات الإعلامية، ليلعب على وتر الكلمات.
وقال في حديثه لقناة "لنا" الموالية للنظام: "لو وطني غلطان أنا معه، إذا بردان أنا ثيابه، إذا مرضان أنا رقوته، إذا ختيار أنا عكازته، إذا حفيان أنا صرمايته، لأنه سيدي وتاج راسي وتراب أمي والشهداء فيه"! كما انه اعترف خلال مشاركته في الدورة الـ37 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في 30 أيلول (سبتمبر) 2021، بأنه يخاف من جهاز المخابرات السوري "أكثر من الله"..!
ورغم المواقف التي أطلقها في بدايات الثورة السورية، ضد الثوار، الذين اعتبرهم مجرمين، وقال حينها إن هؤلاء قد غُرِّر بهم، ودعاهم في مقابلة تلفزيونية بتاريخ 10 أيار (مايو) من العام 2011 بأن "يتوبوا إلى الله"، لا شك أن الأجيال المعاصرة قد تابعت أعماله المسرحية التي عكست أوجاع الشعب السوري منذ عقود خلت، خصوصًا في المسرحية الشهيرة بعنوان "كاسك يا وطن"، والتي عرضت 1979.
وعليه، رغم المواقف الصادمة، التي اتخذها دعمًا للنظام الساقط في مواجهة الحركات الثورية في سوريا، يبقى دريد لحام فنانًا ثائرًا ضد الظلم، حاول عبر أعماله نقل أوجاع السوريين، وظل في كل مناسبة يدعو لسوريا موحدة..