TRENDING
كارول سماحة: حين يتحوّل المسرح إلى دواءٍ حارق

قبل أسبوع فقط، ودّعت كارول سماحة شريك حياتها، رجل الأعمال المصري وليد مصطفى، بعد سنواتٍ من العشرة والحب والدعم. ورغم ثقل الخسارة وفاجعة الفقد، أطلّت كارول على جمهورها مجددًا، واقفة على المسرح، ترقص وتغني وتؤدي دور البطولة في عرضٍ مسرحيّ كبير، كما لو أن الوجع لم يطرق باب قلبها قبل أيام. فهل هو تماسك حديدي؟ أم صراع داخلي خفيّ؟ أم لجوء للمسرح كملاذ نفسي؟

المسرح كدواء نفسي: بين الحقيقة والتحدّي

علم النفس يرى أن بعض الفنانين، خاصة أولئك الذين يملكون علاقة وجودية مع الفن، يلجؤون إلى الأداء كوسيلة للتنفيس العاطفي وتجاوز الألم. المسرح يصبح بذلك "المساحة الآمنة" التي يعبّر فيها اللاوعي عن الحزن، ولكن بطريقة رمزية وجمالية. في هذه الحالة، الوقوف على المسرح لا يعني إنكار الحزن، بل مواجهته من زاوية مختلفة، تحويله إلى طاقة خالقة لا هادمة.



كارول سماحة ليست مجرد فنانة تؤدي أدوارًا. إنها خريجة معهد فنون مسرحية، تحمل خلفية أكاديمية تجعلها أكثر وعيًا بحالة "الانفصال الواعي" (Dissociation) التي يمارسها الممثل، حيث يضع مشاعره الحقيقية جانبًا ليتقمّص شخصية أخرى. لكن في حالتها، الألم حاضر في الجسد والنفس، ولا يمكن إقصاؤه تمامًا.

بين الضغط الداخلي ومسؤولية النجومية

من جهة أخرى، هذا النوع من الأداء تحت ضغط عاطفي قد يكون سيفًا ذا حدّين. فهناك ضغط داخلي هائل يرافق محاولة الإبقاء على توازن الصورة العامة، خاصة حين تكون فنانة كبيرة ككارول، متعودة أن تُرى في أبهى طاقاتها. الشعور بالذنب أحيانًا قد يتسلل: "هل يُفترض بي أن أغني الآن؟ هل أنا خائنة لحزني؟". كل تلك الأسئلة ليست غريبة عن عالم الفنان.



لكن كارول، بهذا القرار، تؤكّد مفهومًا نفسيًا يُعرف بـ"التكيّف المعنوي" (Meaning-focused Coping)، حيث يحاول الإنسان تجاوز الأزمة عبر إعطائها معنى. قد يكون هذا المعنى: "سأُكمل لأن الحياة تستمر"، أو "سأهدي أدائي لروحه"، أو حتى "الفن هو قوتي الوحيدة الآن".

الرسالة الخفية: القوة في الضعف

كارول سماحة، من خلال ظهورها، لم تظهر كأنها غير متأثرة، بل أظهرت أن القوة لا تعني غياب الألم، بل القدرة على العيش معه دون أن يُطفئك. كانت ترقص، نعم، ولكن ربما كل خطوة كانت توازي ألف دمعة مكبوتة. كانت تغني، وربما في داخلها صرخة لا تُقال.

في الختام

كارول لا تتجاوز فقط، بل تحوّل الحداد إلى طقس مسرحي، إلى فعل فنيّ فيه الكثير من الصدق والوجع. قد يكون المسرح علاجًا مؤقتًا، أو قد يكون ضغطًا مضافًا، لكن الأكيد أنه المساحة الوحيدة التي استطاعت أن تقف فيها دون أن تنهار، ولو للحظات.

وفي زمن يسهل فيه الانكسار علنًا، اختارت أن تنكسر سرًا، وتبتسم على المسرح. وهذا، بحد ذاته، بطولة.

يقرأون الآن