TRENDING
كلاسيكيات

بعد صراع 100 ساعة مع الموت.. آخر فيلم طلبت أم كلثوم مشاهدته وهذا ما حصل فى جنازتها

بعد صراع 100 ساعة مع الموت.. آخر فيلم طلبت أم كلثوم مشاهدته وهذا ما حصل فى جنازتها

في صباح الثلاثاء 3 فبراير 1975، استيقظت مصر على يوم كئيب، حمل عنوانًا واحدًا في كل الصحف: وفاة أم كلثوم بعد صراع مع الموت دام 100 ساعة. البيان الرسمي كان موجزًا وقاسيًا: "توفيت إلى رحمة الله تعالى السيدة أم كلثوم في تمام الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر الإثنين 2 فبراير".

محطات الإذاعة قطعت بثها المعتاد، ووحّدت موجاتها كما كانت تفعل في حفلاتها الشهرية، لكن هذه المرة كان البث من أجل الخبر، لا الغناء.


آخر الأيام.. وآخر طلب

في أيامها الأخيرة، لم تفقد كوكب الشرق شغفها بالحياة ولا الفن. قال المهندس محمد الدسوقي، ابن شقيقتها ومستشارها الفني: "قبل أسبوع من وفاتها، شاهدنا معها فيلم "أريد حلًا" لفاتن حمامة، وأعجبها كثيرًا. كانت تريد أن تراه مرة ثانية، لو تسنّى لها الوقت."

أم كلثوم طلبت أيضًا مشاهدة أفلام توثق لحرب أكتوبر، وشاهدتها في مؤسسة السينما.

لكن في صباح الاثنين، بدأت المعركة الأخيرة مع المرض. قال الدسوقي: "استدعونا على عجل، كانت في غيبوبة.. بدأت رحلة المائة ساعة مع الموت، وقاومت، لكنها خضعت في النهاية".

مشهد الوداع.. قاهرة حزينة وفيلا تفيض بالبكاء

فيلا أم كلثوم في شارع أبو الفدا أصبحت قبلة لآلاف المعزين. الفيلا أُغلقت بعد وفاتها بسلاسل حديدية وحراسة مشددة، لكن في اليوم التالي فتحت أبوابها لبحر من الأحزان.

الكل جاء: وزراء، سفراء، فنانين، صحفيين، جيران، والمارة. الكل يواسي الكل. مشهد يصعب وصفه، الجميع تحول إلى أهل.

دموع الحفناوي.. وصمت عبدالوهاب

الدكتور حسن الحفناوي، زوج أم كلثوم، كان غائبًا عن الوعي من شدة الحزن، يتمتم باسم مصر كما كانت تفعل زوجته وهي على فراش المرض.

وصل الموسيقار محمد عبدالوهاب، مرتديًا السواد، وعيناه دامعتان. قال بهمس: "خسارة كبيرة قوي.. مين كان يصدق إن أم كلثوم تموت؟ كلنا ضيوف."

وتابع متأملاً: "هنا كنا بنعمل البروفات.. والنهارده بنقدم العزاء.. سبحان الذي يغيّر ولا يتغيّر".



جنازة المليون.. مشهد تاريخي في ميدان التحرير

في يوم الجنازة، الأربعاء 4 فبراير، احتشدت الملايين في ميدان التحرير. الزحام فاق التوقعات، والجنود غابوا وسط بحر من الجماهير.

النعش المغطى بالحرير الأخضر والأزرق، لونيها المفضلين، حُمل على أكتاف رجال المطافئ، وسط تلاحم رهيب من الناس الذين أرادوا فقط أن يروها من قرب.. للمرة الأخيرة.

رغم الترتيبات الأمنية، فرض الناس مشهدهم. النسوة ولولن، والمقعدات سُرن على الكراسي، والكل يهتف: "لا إله إلا الله"

في البساتين.. النهاية

نُقل الجثمان إلى المدفن في منطقة البساتين. تقدم المشيعين كبار رجال الدولة، على رأسهم مندوب الرئيس السادات، وكبار الوزراء، والسفراء، والفنانين.

هناك، دُفنت فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، ابنة طماي الزهايرة، التي ولدت ليلة القدر، في 30 ديسمبر 1898.. واختارت لها مصر أن تكون النهاية يومًا من أيام التاريخ أيضًا.