بعد سنواتٍ طويلة قيل فيها إن «زمن الألبومات انتهى» وأن السوق بات أسير الأغنية الـHit السريعة، جاء عام 2025 ليقلب المعادلة رأسًا على عقب. كان عامًا غنائيًا بامتياز، شهد عودة شبه جماعية للفنانين إلى طرح الألبومات الكاملة، في محاولة واضحة لإعادة الاعتبار للفكرة الفنية المتكاملة لا للأغنية المنفردة فقط.
ألبومات كثيرة… وتأثير محدود
رغم الزخم الإنتاجي، لم تنجح كل هذه الألبومات في ترك الأثر نفسه. على العكس، كشفت 2025 أن كثرة الإصدارات لا تعني بالضرورة قوة الحضور. من بين عشرات الألبومات المطروحة، لم يتربع على عرش الاستماع والتأثير الجماهيري سوى ألبومي عمرو دياب وأحمد سعد، اللذين أعادا تعريف النجاح في زمن المنصات الرقمية، جامعَين بين الخبرة الفنية والقدرة على مواكبة الذوق المعاصر.

أما بقية الألبومات، فرغم احتوائها على أعمال جيدة، فقد عاشت في الظل، ولم ينجُ منها سوى أغانٍ منفردة استطاعت شق طريقها إلى قوائم الاستماع، في تأكيد جديد على أن الألبوم لم يستعد قوته الكاملة بعد، بل يحتاج إلى مشروع فني حقيقي لا مجرد تجميع أغانٍ.
إعادة فرز الساحة الفنية
أهم ما ميّز 2025 لم يكن عدد الألبومات، بل إعادة تقييم المشهد الغنائي نفسه. عادت الصدارة بوضوح إلى الفنانين الذين يمتلكون ثلاثة عناصر حاسمة الصوت، التاريخ الفني، والقاعدة الجماهيرية.
وهو ما أزاح تدريجيًا أسماءً صنعت حضورها في السنوات الأخيرة عبر الجدل أكثر من الفن، أو عبر موجات مؤقتة غذّتها السوشيال ميديا دون عمق فني حقيقي.
الظواهر الجديدة… اختبار الزمن
في المقابل، لم يكن العام خاليًا من المفاجآت. اقتحمت الساحة أسماء شابة مثل توليت، الأخرس، الشامي، بيسان إسماعيل وغيرهم، ونجحت في فرض حضورها الرقمي والجماهيري بدرجات متفاوتة. لكن 2025 لم تحسم بعد موقع هذه الأسماء في الخريطة الفنية النهائية. فالزمن وحده كفيل بالإجابة هل نحن أمام ظواهر عابرة؟
أم بداية مرحلة فنية جديدة بأدوات مختلفة ولغة موسيقية مغايرة؟

عام الحفلات بلا منازع
إذا كان عام 2025 مترددًا في حسم زعامة الألبومات، فهو حسمها تمامًا على صعيد الحفلات الغنائية. حفلات كبرى وصغرى، في الداخل والخارج، أعادت تعريف النجومية بمعناها الحقيقي. لم يعد المعيار أغنية ضاربة فقط، بل من يبيع التذكرة؟ ومن يملأ المدرج؟ ومن يحافظ على وهج اسمه فوق المسرح؟
هنا، فُرزت النجومية بوضوح، وانتصرت الخبرة والحضور الحي على أرقام المشاهدات المؤقتة.
2025 لم يكن عامًا عاديًا في تاريخ الغناء العربي. كان عامًا انتقاليًا، أعاد الاعتبار للألبوم دون أن يمنحه التتويج الكامل، وأعاد النجومية إلى أصحابها، وفتح الباب أمام جيل جديد لا يزال قيد الاختبار. عامٌ قال بوضوح الفن لا يُقاس بضربة واحدة… بل بالاستمرارية.