أسدلت الستارة على نهاية مسلسل "أمي"، لكنه لم ينتهِ فعليًا. ستبقى تلك الشخصيات عالقة في الأذهان، تعود إلينا بترفق، تحدثنا وتخبرنا أن هؤلاء الأمهات لم يأفل مصيرهن.
إنها مجموعة أمهات كتبن الحياة أولًا، ثم قدمن الدراما بأجمل فصولها.
الأم التي أحبّت قبل أن تُولد
العنود سعود "مريم"، تلك الأم التي أحبّت قبل أن تُولد، عاشت الأمومة خارج رحمها. جاءت بوجه من ضوء، مثلت حتى ذابت. أدّت دور الأم بتلك الصلابة التي تعرفها الأمهات عند الشدائد، ثم لانت لتصبح كالماء، طرية وناعمة كنسمة.
الأداء: رقة وقوة متوازنة
سكبت العنود سعود الأمومة في روح تمشي وتتحرك وتتحدى وتبكي. جاءت بها عارية من أي تصنّع، نقية كالذهب. سيبقى رنين حضورها يشع فينا بعد انتهاء المسلسل.
صنعت قمتها في هذا العمل، وحملت حلقاته التسعين بجسدها النحيل، وعيونها التي لم تعرف الفرح، ووجه فارقته الابتسامة على طول الخط. ومع ذلك، كان في هذا العبوس الكثير من الرقة والقوة.
ازدواجية الأداء وإبراز الإنسانية
رقتها في التعامل مع الجميع بدت كنسمة هادئة وسط صراعات الحياة، بينما ظهر إصرارها في مواقف الحسم كعلامة على شخصية صلبة لا تلين. هذه الازدواجية في الأداء عكست مهارة العنود سعود في إبراز الإنسان بكل تفاصيله، فرسمت صورة الأم العذبة، الحنونة، الناعمة التي لا تتخلى عن قوتها الداخلية.
المثالية في الأمومة والإنسانية
العنود سعود في "أمي" ليست مجرد شخصية تمثل الحنان والرقة، بل هي منحوتة بعناية لتجسد المثالية في أدوارها كأم، وابنة، وزوجة.
هذه المثالية لم تكن خالية من التحديات، بل ظهرت جليّة من خلال صراعاتها اليومية التي واجهتها بإصرار وتفانٍ. وأظهرت في أدائها قدرة فريدة على تقديم هذه الأدوار المتعددة بتوازن مدهش، يجمع بين العطاء اللامحدود كأم، والوفاء كابنة، والحب والمسؤولية كشريكة حياة.
"أمي": علامة فارقة في الدراما السعودية
يُعد مسلسل "أمي" علامة فارقة في الدراما السعودية. جاء من فوق، طغى علينا وجعل من كل فريق التمثيل أبطالًا نقشوا وجوههم في مخيلتنا وعاشوا معنا بيومياتهم وأدوارهم التي سنفتقدها.
هو عمل معرّب بدا سعودي الهوى بكل تفاصيله: أفكاره، تقاليده، أسلوبه. حمل نصًا متماسكًا لا يطل فيه مشهد دون غاية، وجاء مشوقًا مثيرًا أفل، لكن أثره سيبقى حاضرًا كنموذج حي يُحتذى به في الأعمال الفنية.
العنود سعود: حضور فني نابض
باختصار، كان النص سيدًا وملكًا، وكانت الشخصيات أحجار زاوية لا تسقط ولا ترتجف.
ويبقى حضور العنود سعود الفني في شخصية "مريم" نابضًا وملهمًا، يذكرنا دوماً بقيمة الحب والتفاني في حياة كل أم.