TRENDING
كلاسيكيات

نعيمة عاكف.. راقصة مصر الأولى التي رحلت شابة بعد صراع صامت مع السرطان

نعيمة عاكف.. راقصة مصر الأولى التي رحلت شابة بعد صراع صامت مع السرطان


رحلت الفنانة الكبيرة نعيمة عاكف عام 1966 عن عمر ناهز 36 عاماً، بعد معركة قاسية مع مرض السرطان خاضتها في صمت، تاركة وراءها إرثاً فنياً وإنسانياً نادراً. ماتت وهي تهمس بكلمة واحدة: "يا رب"، بينما كان زوجها المحاسب صلاح الدين عبدالعليم يبكي إلى جوارها، محتضناً ابنهما الوحيد محمد في لحظة وداع مؤلمة.

خمس سنوات من العزلة من أجل الزوج والابن

خمسة أعوام كاملة تفرغت فيها نعيمة لحياتها الأسرية، فابتعدت عن السينما والمسرح، ولم تعد إلى الأضواء إلا لتدريب فرقة الإسكندرية للفنون الشعبية بين الحين والآخر.

كانت تؤمن أن الشهرة لا تساوي لحظة دافئة في بيتها. وحين جاءها أحد أصحاب الملاهي الليلية بشيك على بياض لإغرائها بالعودة إلى الرقص، دخلت إلى غرفتها ثم خرجت وهي تمسك بيد ابنها محمد، وقالت بهدوء حاسم:

"متأسفة.. لأن هذا العزيز أولى بوقتي من الفن."


المرض الذي أُخفي عنها

أُصيبت نعيمة بالسرطان، لكن الأطباء لم يخبروها بالحقيقة، احتراماً لرغبة زوجها الذي انهار بالبكاء عند سماع الخبر. أُجريت لها عملية جراحية لم تغيّر شيئاً في مسار المرض، وقيل لها إنها تعاني نزيفاً إثر عملية إجهاض، فصدّقت.

وحين طال بها الألم، بدأت تشك في الأمر، لكنها لم تجد إجابة. وفي لحظة يأس طلبت من الأطباء أن يتوقفوا عن علاجها وتُركت لرحمة الله، بينما كان زوجها يردد لها:

"سأنفق عليكي آخر قرش في جيبي."

فقدان الذاكرة ونذور الرجاء

في شهورها الأخيرة، بدأت نعيمة تفقد ذاكرتها تدريجياً، وتردد باستمرار "يا رب" كأنها تلتمس الرحمة والسكينة. كانت تزور المساجد والكنائس مع زوجها، توزع النذور على الفقراء، وتنذر النذور للأولياء الصالحين، علّها تنجو من آلامها.


عزلة فنية وموت في صمت

لم يكن لنعيمة أصدقاء كُثر من الوسط الفني، إذ كانت تعتبر الفن "حرفة لا علاقة لها بالصداقات". زارها عدد قليل من الفنانين، وبدت الدهشة على وجوههم من ذبولها، بينما كانت تخفي ألمها عنهم كي لا تبكي أمامهم.

النهاية الهادئة

في مساء حزين من عام 1966، أسلمت نعيمة عاكف الروح وهي تهمس بكلمة "يا رب"، بعد حياة قصيرة لكنها مليئة بالعطاء والوفاء. رحلت نجمة مصر الأولى، تاركة وراءها درساً خالداً في الإخلاص للحب والأسرة فوق مجد الشهرة والأضواء.