قدّم زهير مراد المصمم اللبناني مجموعته لربيع وصيف 2024 في أسبوع الموضة في باريس.
أزياء تعيدنا إلى شواطئ البحار الفينيقية من صور نحو قرطاج.
رحلة الاكتشاف لغابر الزمن لفتوحات إليسار ملكة الحكمة، وصاحبة الجواهر المحمّلة في مراكب لتبني مملكتها على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
كل عارضة مرّت على مسرح الأناقة كانت ملكة تخط فتوحاتها بطريقة مراد الفنية. ذلك الزمن المندثر أعاده مراد ذهباً وفضة وبرونزاً، وألواناً رملية تتلألأ فخامة وانسياباً.
كأن خزنات الزمن فتحت كلها وفرشها أمام ناظرينا نغشى بالوهج ونتعشم السكون ولا نجده.
استقل زهير مراد من كافة الألوان وراح نحو نسيج الملكات خيوطاً من بريق بلون الجواهر، ونسلها بكرم وانفتاح الموهبة، وصنعها بتلك الايدي التي تجيد خياطة الفن برقاً وزخرفة وتخاريج تصنع لوحات فوق طيات الثوب.
هذه الأثواب لا تخص زمناً معيناً، فهو استقى روحها من ماضي الفتوحات لأميرات عشن البحار وسطوة الروح المحاربة، وأتى بها إلى حاضرنا يلبسها لسيدات يبحثن عن الدهشة وعن الجمال المتدفق لمعاناً.
لم يقف مراد عند الشواطئ الفينيقية ببحارها وتجارتها، بل جعل له وقفة في زمن الفتوحات الإسلامية حيث فن الأرابيسك كان ينضح جمالاً وزخرفة.
هذا الفن المندثر الذي ما زلنا نراه في قبب الجوامع والقصور وعلى الشبابيك العتيقة، أعاد حفرها فوق القماش وقدمها هدية ثمينة لامرأة تبحث عن الخلود.
الأثواب يليق بها تعبير تُقتنى أكثر من كونها تُرتدى. لأنّ روح الفن عالية فيها. فهي مغزولة على أشكال نحتية لكن المادة هي القماش، وهذا التفرّد الذي أتى به مراد يحسب له كونه أعاد صوت الفن، وصداها ينضح ويقرع من جديد.
اختصر في الألوان وفتحها فقط أمام الذهبي والفضي والبرونزي، وضمّنها القليل من الأحمر.
أراد أن يحكي قصة البحار في شروقها وغروبها حيث الشموس الساطعة والرمال المترامية بين شفق وغسق، والوهج يسيطر والضوء يعلو ثم ينكسر.
قدّم مراد أثوابه كتحف من الزمن الفينيقي وعرقه ونسله بالزمن الإسلامي، وصنع معجزّته الفنية وأهداها لنساء يدخلن فصل الصيف على إيقاع تاريخ الأميرات وأوشحتهنّ المزخرفة فوق الأكتاف، والحرير يتطاير والحاشية حولهن في حالة من الدهشة والغرابة.