في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1927 ولد "نجمة".. إنها جانيت الفغالي التي تفتحت عيناها في البلدة الجبلية الجميلة "وادي شحرور". وهناك نمت موهبتها على مسرح مدرستها، وراحت تشدو الأغنيات في كل مناسبة حتى لفتت بموهبتها نظر المنتجة آسيا داغر.
فهذه الفتاة التي نشأت في كنف عائلة متواضعة، استطاعت أن تاميز بشهرتها المحلية، حتى لفتت الأنظار وانتشرت أخبارها إلى المنتجة السينمائية، اللبنانية الأصل آسيا داغر التي كانت تعمل في القاهرة. فأوعزت إلى وكيلها في لبنان قيصر يونس لعقد اتفاق معها لثلاثة أفلام دفعة واحدة.
وكان الاتفاق بأن تتقاضى 150 جنيهًا مصريًا عن الفيلم الأول ليرتفع السعر تدريجيًا. فوافقت العائلة، وذهبت إلى أسيوط برفقه والدها ووالدتها ونزلوا ضيوفا على آسيا داغر في منزلها بالقاهرة، حيث كُلّف الملحن رياض السنباطي بتدريبها فنيًا ووضع الألحان التي قدمتها بفيلم "القلب له واحد" عام 1945، ومع إطلالتها بهذا الفيلم اختفى اسم "جانيت فغالي"، وأصبحت تُعرَف بـ "صباح" حين كان عمرها حوالى 18 عام.
شاركت صباح في السينما المصرية، ولها عدد كبير من الأفلام التي تعتبر هي إحدى نجماتها. حيث وقفت أمام كبار السينما المصرية مثل: صلاح ذو الفقار ورشدي أباظة وفريد شوقي، ولها رصيد كبير من الأفلام المصرية الهامة مثل: الرجل الثاني (1959)، الحب كده (1961)، الأيدي الناعمه (1963)، 3 نساء (1968).
ولها أيضًا رصيد من الأفلام اللبنانية مثل: باريس والحب (1972)، ذلك بالإضافة لعدد كبير من الأغاني.
وتعتبر صباح من أهم رموز الفن العربي. فقد دخلت موسوعة غينيس كأكبر إرث فني في التاريخ.
في رصيدها 87 فيلمًا بين مصري ولبناني، و27 مسرحية لبنانية، وما يزيد عن 3500 أغنية بين مصري ولبناني واجنبي.
تُعد صباح أول من قدم الأغنية اللبنانية، التي تتميز بالإيقاع اللبناني الصرف، الذي لم يكن معروفًا من قبل، عن طريق أغنية "يا هويدا هويدلك" في أوائل الخمسينات.
ولقد كان للشحرورة الفضل في نشر المواويل والأغاني اللبنانية في كافة أرجاء العالم العربي ومختلف الدول من خلال الأفلام والحفلات التي قدمتها.
ويذكر التاريخ وقفتها في حفل الـ "أولمبيا" الشهير في باريس، حيث قامت بترجمة أغاني الفولكلور اللبناني إلى اللغة الفرنسية، وقدمت "الموال والأوف" اللبنانية باللغة الفرنسية، فألهبت حماس الجماهير الفرنسية التي انذهلت بأداء وصوت "الشحرورة" القوي والفريد.
ولقد رافق صباح لقب "الشحرورة"، الذي يستغربه البعض متسائلين عن معناه وسبب ارتباط اسمها به.
والحقيقة أن "الشحرورة" هي أشهر أنثى الطيور اللبنانية التي تتميز بجمال صوتها ووصلاتها الغنائية الطويلة.
ولا شك أن ولادة صباح في بلدة "وادي شحرور" جاءت متناغمة مع اسم هذه العصفورة، ما خلق انسجامًا مع فكرة حملها لهذا اللقب.
وتشير المعلومات إلى أن المنتجة آسيا داغر التى فكرت في منحها لقب الشحرورة، أجرت استفتاء جماهيريًا، انتهى باختيار لقب الشحرورة الذي رافقها لآخر أيام حياتها.