وجوه غاضبة وصراخ مخيف ومحاولات قتل. هذا هي أجواء "الخائن" مسمومة ومنفِرة. وإن كانت الأحداث سريعة ومتغيّرة. لكن الشحن النفسي البغيض يلف أجواء العمل.
متابعته مرهقة ومؤلمة، والممثلون أوصلوا الصورة والأداء القاسي كما يجب مع بحبوحة لا يمكن أن تفلت من الذهن. صورة الممثل قيس الشيخ نجيب "سيف" بغيضة لدرجة تود أن تخترق الشاشة وتنتزعه وتقول له توقف.
كمّ الحقد والسلبية الموجودة في المشاهد عامة لا تصب في خانة الجاذبية بل تودي لحالة من النفور والاستهجان.
أكثر الصور قتامة وفظاعة هي صورة "سيف" فيها من المقت أكثر مما كان عليه جان فلجان في البؤساء. ووجه أسيل بما يحوي من فزع وغضب وجمود وعيون شائحة تبعث إلى التوتر والكره.
لا يوجد مشهد واحد أو شخصية واحدة يتنفس فيها المشاهد الصعداء وينشرح صدره عندما يراها. إلا إذا استثنينا دور ريتا حرب بطلتها الإيجابية وعيونها السمحة المحبة، بالرغم من عدم منطقية تفكيرها. لكن تبقى شخصية وردية وحيدة في العمل كله إلا أن مشاهدها قليلة وحضورها سريع.
ما جدوى أن يصب كل هذا المقت والقساوة في عمل دون وجود طاقات وشخصيات محبة تعمل على التوازن في الدراما تماماً كما في الحياة. حتى في أفلام الرعب والموت هناك شخصيات لطيفة وعطرة. وهذا ما لا نجده في "الخائن". كان من الضروري توسيع رقعة المحبة والرأفة أكثر.
حتى الشخصيات الإيجابية والمنطقية نجد وجوهها غير سمحة بل مسمومة وكأن العمل كله محقون بالسّم. مثل جومانة "تاتيانا مرعب" أو رولا بقسماتي في دور نادين. كلها وجوه كالحة بالمرارة. نفهم أن الغيرة وعدم الانجاب قد يخلق مشاكل نفسية لكن من الجيد أن نجد في أعماق هذه الشخصيات ضوءً أبيض وطهراً ما.
وأكثر ما يستفز المشاهد هي مرام علي في دور تيا. من المفترض أنها شابة عشرينية بسيطة وعلى نياتها ومغلوب على أمرها ويخدعها حبيب مدعي. لكن نجد وجهها ايضاً ملموم على كبر السنين وكأن الحياة عجنتها وبصقتها. ولا يوجد فيها ملمح واحد من البراءة أو السذاجة بل شخصية قوية وتدها عاصٍ وعيناها تقدح شررا وفيها ألف مخلب. لمّا كل هذا الشحن الكريه؟
لولا أهمية الممثلين وتسارع الأحداث ما كان هذا العمل ليخرق. فهو على رف السوداوية خاصة وانه عمل طويل ولا يمر إلا بقطع النفس.
وقيس الشيخ نجيب يحتاج إلى نقاهة بعد هذه المشاركة وإلى دور لطيف وراقي لأن ما يقدمه في كل حلقة يصل الينا لدرجة نشعر إننا بحاجة إلى حمام ماء ساخن لنغسل شيطنته التي تملأ الشاشة.