في واقعة طريفة ومربكة كادت أن تودي بالمخرج الكبير صلاح أبو سيف إلى السجن، يحكي التاريخ عن لحظة التباس لغوي غريبة أثناء تصوير فيلم "مغامرات عنتر وعبلة" في العراق، تحديدًا في بغداد.
كان صلاح أبو سيف حينها يتجول وحيدًا، فقرر الدخول إلى أحد المطاعم الفاخرة في العاصمة العراقية لتناول وجبة الغذاء. جلس إلى المائدة، وصفق طالبًا قائمة الطعام، فجاءه الجرسون وسأله بأدب عمّا يرغب في تناوله. أجابه صلاح على الطريقة المصرية: "قولي انتم عندكم إيه؟"، فبدأ الجرسون في سرد الأصناف، حتى طلب صلاح طبقًا من الكباب.
عندها باغته الجرسون بسؤال بدا صادمًا: "حضرتك تحب المخدرات؟". صُدم المخرج المصري من السؤال، وسأله بدهشة وخوف: "مخدرات؟! مخدرات إيه؟". فأجابه الجرسون قائلاً: "مخدرات تاكلها قبل اللحمة.. دي كويسة خالص".
بدأ التوتر يتصاعد في نفس صلاح أبو سيف، فراح يرفض العرض بحزم، ويستعيذ بالله من الشيطان، محذرًا الجرسون من عواقب ما يقول. حاول الاستنجاد بصاحب المطعم، ظنًا منه أنه ضحية مؤامرة علنية لتوريطه في فضيحة قانونية. وبنبرة حازمة، سأله: "انتم بتبيعوا مخدرات هنا؟"، فجاء الرد الصادم من صاحب المطعم: "طبعًا.. ده أول شيء بنبيعه".
في قمة ذهوله، بدأ صلاح أبو سيف يتحدث عن القانون والسجن والمساءلة، وسط إصرار الطرف الآخر على أن "المخدرات" هي "أحسن حاجة عندهم"، مما زاد من شكوكه وارتباكه.
في خضم هذه اللحظات المتوترة، دخل الفنان سراج منير إلى المطعم، ولاحظ التوتر الدائر، فاقترب مستفسرًا عن الأمر. أوضح له صلاح أن المطعم يعرض عليه "المخدرات" في وضح النهار. لكن سراج منير ضحك قائلاً: "وما له يا أخي؟ ده أحسن طبق عندهم"، ثم شرح له أن "المخدرات" في اللهجة العراقية تعني "الخضروات"، أي طبق الخضار الذي يسبق اللحمة في التقديم.
وهكذا انقشع اللبس، وتحوّلت لحظة الرعب إلى موقف لا يُنسى، حيث ضحك الجميع، وعاد صلاح أبو سيف ليجلس ويطلب "المخدرات" بثقة، بعدما تأكد أنها لن تزج به في السجن.
قصة تعكس الطرافة وسحر الاختلافات الثقافية بين اللهجات العربية، وتُظهر جانبًا بسيطًا وإنسانيًا من حياة أحد عمالقة السينما المصرية