لم يكن مسلسل "آسر" المعرّب عن المسلسل التركي الشهير "إيزيل" سوى سقطة في الدراما التركية المعرّبة.
ضعف النص في "آسر"
ضعف النص، غياب السياق، الشخصيات غير المستقرة في نفسيّتها ونهجها، وتضعضع الأحداث كلها جعلت منه عملاً يخفق في اصطياد عين المشاهد وابتكار العقدة الدرامية المشوقة.
الممثلون الكبار الذين شاركوا في هذا العمل، والمشهود لهم بتاريخ أدوار مهمة وقدرة تمثيلية كبيرة، باتوا هنا في خبر التململ والضياع وغياب الشخصية. لم يكونوا كما نعرفهم أو كما يليق بهم.
هذا الضعف والضياع يقع في النص المرتبك المهترئ، ولم يستطع الإخراج أن ينقذ الوضع ويضعه على السكة الصحيحة.
مسلسل "أمي" نسخة متفوّقة في التعريب
بينما في الجهة المقابلة، نجد أعمالاً معرّبة قمة في التشويق والأداء، وتُعرض في الوقت نفسه لتظهر عيوب ذاك وتفوّق هذا، مثل المسلسل السعودي المعرّب "أمي".
هذا العمل دفع الدراما السعودية وممثليها إلى القمة دون تراجع، مؤكداً أن هؤلاء الأبطال، الذين قد يكونون شخصيات مستجدّة للمشاهد العربي، أثبتوا أنهم أصحاب موهبة حفروا أسماءهم في سماء النجومية والسطوع.
بالرغم من أن مسلسل "أمي" عمل عالمي جال في كل أقطار الأرض وأثبت تفوّقه، استطاعت النسخة السعودية أن تواكب هذا العمل المنفتح حول الأم البديلة وحول مشاعر الأمومة والصراعات المجتمعية والأهل مع هذا الخيار المستجد، وحافظت على الحبكة وأدارت الشخصيات بحنكة، فلم يقع مشهد واحد بلا أهمية.
"أمي" عمل مرصوص مشتدّ العصب وسعودي الروح
عمل مرصوص، مشتدّ العصب، أداء متجلٍّ وشخصيات تظهر كأنها من عمق المجتمع. بالرغم من أن العمل عالمي، استطاعت النسخة السعودية أن تكون متفوّقة بكل عناصرها، وتطوّع كل المقوّمات الدرامية وتجعلها من أهل البلد، فنلاحقها كدراما سعودية الأصل.
الطاقم التمثيلي بارع، والقصة مرصوصة ومثيرة، تأتي من الروح السعودية الخليجية وتلامس كل مواطن حتى ولو لم يكن خليجياً، فهذه براعة متفوقة للنص وتعبيره عن المحيط والبيئة، بالإضافة إلى الحبكة وتسارع الأحداث وسلاستها. استطاع العمل أن يكون سعودي الروح والمنشأ ومن عمق المجتمع، متناسين أن هذا العمل معرّب.
التعريب ليس تجميع قطع متناثرة
التعريب ليس تجميع قطع متناثرة وجمعها في روح متململة ضعيفة كما هو الحال في "آسر"، بل التعريب روحه النص وعماده، ثم تأتي كل العناصر الأخرى لترفعه بنياناً جميلاً ومتيناً. وهذا هو الحال في مسلسل "أمي"، حيث أثبت أنه عمل معرّب بروح متفردة قادمة من عمق المجتمع بكل ما فيه من عقد وتقاليد وأخلاقيات.
"أمي" عمل درامي حابس للأنفاس، مكموش السياق، متفوّق، بينما "آسر" عمل مضجر متهلهل السياق.