آخر ما تطيق رؤيته على الشاشة هذه الأيام، الممثلة السوريّة مرام علي بشخصية "تيا" في مسلسل "الخائن".
شخصية منفرة، تستفز كره المشاهد، لا يشفق عليها حتّى وهي مخطوفة مقيّدة بالحبال، فوق رأسها مسدّس جاهزة هي نفسها لتطلقه على من يقف في دربها.
حبّها منفر قدر كرهها، تعيد تشكيل نظرتك إلى الحب، هو ليس بالمجمل عاطفة إيجابيّة، قد يكون هوساً، مرضاً، شعوراً يجلب على الآخر كل الأسى، شعوراً أكثر أذىً من الكره نفسه.
حتّى أمومتها مستفزّة، حين تحارب زوجها (قيس الشيخ نجيب) بابنته رغبةً منها بالاحتفاظ به. تغدق على زوجها كل الاهتمام خوفاً من خسارته، وخسارته تعني هزيمتها أمام غريمتها أسيل (سلافة معمار). منافسة غير متكافئة بين امرأة لا تملك سوى هواجسها وشخصيتها المنفرة، وامرأة تملك كل شيءٍ ولا تريد شيئاً. بينما ابنتها، لا تنال من اهتمامها سوى أنّها الرّابط الذي يجمعها بزوجها.
علاقتها بأمّها لا تخلو أيضاً من المرض، حين ترضخ أمّها لطلباتها، ترمّم أخطاءها، تجمّل خطاياها، معها على الصح والغلط، حتى لا تعود تفرّق بينهما، تتحمّل والدتها (ريتا حرب) الجزء الكبير من أمراضها المستعصية، يوم اعتقدت أنّها البنت المدلّلة، التي تحصل على ما تشاء ساعة تشاء.
عواطفها حارقة، خالية من الدّفء، إلا عندما تتعمّد اصطناع الدفء للوصول إلى مبتغاها. صوتها مزعج، كثيرة الصّراخ، حتى عندما تعرب عن قهرٍ وحزنٍ وأسىً، تدفع المشاهد إلى الشماتة بها، مثلها لا يستدرّ أي شفقةً.
مشاهدها على الشاشة منفرة، صوتها مزعج، بكاؤها مستفز، هي من الشخصيات التي تتمنّى أن تأخذ أحداث المسلسل بعداً آخر كي لا تعاود رؤيتها.
أجادت الممثلة مرام علي اللعب على تفاصيل التفاصيل، غامرت بصورتها، ظهرت بأبشع دورٍ قد تحتاج بعده إلى الكثير لتنظّف صورتها في أعين المشاهدين. أمرٌ يُحسب لها، فمثل هذا الدّور، المعجون بالشرّ حيث لا نقطة ضوء في نفقها المظلم، يهرب منه الممثلون، يتجنّبونه، خصوصاً في بداياتهم، عندما تصبح شهرتهم متعلّقة بأكثر دورٍ منفر قد تشاهده على الشّاشة.
تحتاج مرام إلى ترميم صورتها بعد "تيا"، وإلى الكثير من الثناء على تقمّصها الدّور بصورة تجعلك تصدّق أنّها شخصية من لحمٍ ودمٍ وحقدٍ وشرٍ يفوق كل الشّرور.