TRENDING
سر رحمة رياض.. نجاحها المطّعم بالوجع الدفين

رحمة رياض

رحمة رياض كيفما رفعت صوتها حصلت على تقدير أو تكريم.

لم تكن رحلتها سهلة ولا ميسّرة. تعثرت كثيراً ووقعت مراراً. وفي كل مرة كانت تجمع نفسها وتمضي قدماً.

عاشت يتيمة تحتاج إلى ذلك السند الذي يحمي ظهرها ويشد أزرها. الموت قهرها وهي ابنة العشر سنوات. وصارت تحتاج إلى تلك الرحمة التي تتسم بها ولا تجدها.

بقيت غصّة الفراق ترافقها في كل مشوارها وعلى مدى خطواتها. إن غنت تذكّرت وإن نجحت غصّت، وإن حكت كان يتمها حاضراً وذكرى والدها لا تفارقها.


تعرفنا إليها بعد تخرجها من ستار أكاديمي 7 في عام 2010، لم يكن لها حديث سوى عن الموت. بكت والحرقة تشدها ولا تجد من يرأف بها. تجد نفسها وحيدة تريد من يأخذ بيدها. من يفتح لها ولو طريقا صغيرا تسلك فيه، ليس من أجل النجومية بل من أجل أن تكون قادرة على تحمل مسؤولية العائلة.

كانت يومها ملتحفة بالسواد حداداً على رفيقها رامي الشمالي، الذي قضى في حادث سيارة في مصر أثناء زيارته رفيقه في الأكاديمية محمود شكري. بكته بحرقة وكانت حزينة لحد لا يوصف.

رحمة رياض الشابة اليافعة في لقاء سابق معها، كانت كأم بحنيتها وقدرتها على أن تحتضن وتطبطب وهي تريد من يطبطب لها. لم تغب والدتها وأخوتها عن بالها. وهي الغريبة في وطن احتضنها وأعطاها لقبا ومكانة فنية. حلت في المرتبة الثانية وناصيف زيتون في مرتبة الأولى في ذلك الموسم من برنامج ستار أكاديمي.

لكن هذا اللقب في حينها لم يكن كافياً ليفتح أمامها الطريق. فهي تحتاج مدير أعمال. تحتاج فيزا باتجاه دبي وهذا كان مستحيلاً. وطريق العودة إلى الوطن الأم العراق كان صعباً ومحفوفاً بالمخاطر ولا يوجد هناك نبع يمكن أن يروي زرعها الذي تحلم به. وعند كل مفترق كلام كانت تقول "لو كان والدي موجوداً". طعم اليتم لم يفارق روحها وهي الناجحة والمتميزة والتي صارت على أغلفة أكثر المجلات العربية شهرة.

لم تكن رحمة رياض يوماً زاهدة في حياتها. بل كانت دوماً مقاتلة ومصرة على الاستمرار والتقدم. في روحها تلك الشعلة القوية المفعمة بالطاقة والحيوية والإصرار. فيها من العفوية ما يذهل ناسها. ومن الحب ما يكفي ليشعر كل من حولها أنه محضون بالدفء.

رحمة رياض اليوم نجمة على رفها الكثير من الجوائز، آخرها بالأمس جائزة "الموريكس دور" للمرة الرابعة كنجمة عن الغناء العربي. وهي الوجه الإعلاني المحبب للكثير من الشركات والماركات العالمية. وصاحبة أغاني رددها وسمعها الملايين الكثيرة حول العالم.


غنت بالتركي والخليجي واللبناني والعراقي. وفتحت شدو صوتها بكل ما يمكن ونجحت وسطرت التألق. فهي مغنية الشارات "ها أخويا " لمسلسل "خان الذهب" الخليجي. وهي أغنية مجددة من أرشيف والدها. و"بدل ماضي" لمسلسل "النار بالنار".

أينما خطت رجلاها أزهرت حقولها. من نجاح إلى آخر. في أكتوبر 2022، تم اختيارها للمشاركة في أغنية "لايت ذا سكاي"، وهي أغنية لكأس العالم 2022 في قطر، بالتعاون مع الفنانين ريدوان ومنال وبلقيس ونورة فتحي.

وفي بداية 2023 شاركت رحمة بالغناء في افتتاحية كأس الخليج 25 في البصرة حيث قدمت عرضاً فنياً في استراحة ما بين الشوطين وقامت بغناء أغنية "عاش العراق" التي أصدرتها في اليوم التالي.

لا تمر أغانيها مرور الكرام بل تطبع وتشكل لها مرحلة جديدة في مشوارها الفني وتصبح محطة للانطلاق نحو أخرى عنوانها النجاح. من أغنية "وعد مني" التي أصدرتها عام 2018 إلى أغنية "الكوكب" في عام 2021 إلى أغنية "أحلى شعور" التي أطلقتها حديثاً من البوم "انا اليوم". وخلال كل ذلك وما بينهما العديد من الأغاني التي دخلت وجدان ناسها وصارت أرشيفاً يرفع اسمها في قائمة النجمات والفنانات المتميزات.

يوم اختيرت في عام 2021 كي تكون في لجنة حكم "عراق أيدول"، شنت عليها حروب. اعتبر البعض بأنها لا تستحق ذاك الكرسي ولا تتمتع بالخبرة. فانتفض عشاقها حاملين شعار "كلنا رحمة رياض." وانتصروا لها. ومن العام نفسه قدمت أغنية "اتحداكم" من كلمات عقيل العرد وألحان علي صابر وتوزيع ميثم علاء الدين.

سر رحمة رياض لا يكمن فقط في صوتها بل في روحها. من يسمعها تغني مع مروان خوري أو في دويتو مع أحمد سعد. يعرف أن شطآنها مختلفة. صوتها يأتي من حنوّ دفين. من رقة مخبأة تنفلش في الصوت دفئاً وفي الإحساس بساطاً.


يقرأون الآن